فَفَعَلْنَا ودخلنا القلعة وأمرنا الفرنج بِالْخرُوجِ فَأَجَابُوا وتهيؤوا فَقَالَ جرديك لَا يَنْبَغِي أَن يخرج مِنْهُم أحد حَتَّى يخرج النَّاس من الْبَلَد خشيَة أَن يتخطفوهم وَكَانَ النَّاس قد داخلهم الطمع فِي الْبَلَد وَأخذ يشْتَد فِي ضرب النَّاس وإخراجهم وهم غير مضبوطين بعدة وَلَا مَحْصُورين فِي مَكَان فَكيف يُمكن إخراجهم
وَطَالَ الْأَمر إِلَى أَن، علا النَّهَار وَأَنا ألومه وَهُوَ لَا يرجع عَن ذَلِك وَالزَّمَان يمْضِي فَلَمَّا رَأَيْت الْوَقْت يفوت قلت لَهُ إِن النجدة قد وصلت والمصلحة المسارعة فِي إخراجهم فَأجَاب وأخرجنا خَمْسَة وَأَرْبَعين نَفرا بخيولهم وَنِسَائِهِمْ وسيرناهم ثمَّ اشتدت أنفس البَاقِينَ وحدثتهم نُفُوسهم بالعصيان وَكَانُوا استقلوا المراكب الَّتِي جَاءَتْهُم وظنوا أَن لَا نجدة لَهُم فِيهَا وَلم يعلمُوا أَن الإنكلتير مَعَ الْقَوْم ورأوهم قد تَأَخَّرُوا عَن النُّزُول إِلَى علو النهارفخافوا أَن يمتنعوا فيؤخذوا ويقتلوا فَخرج من خرج ثمَّ بعد ذَلِك قويت النجدة حَتَّى صَارُوا خَمْسَة وَثَلَاثِينَ مركبا فَقَوِيت نفوس البَاقِينَ فِي الْحصن فظهرت مِنْهُم أَمَارَات الْعِصْيَان ودلائله
فَقلت لِأَصْحَابِنَا خُذُوا حذركُمْ فقد تَغَيَّرت عزائم الْقَوْم فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَة بِحَيْثُ صرت خَارج الْبَلَد وَقد حمل الْقَوْم من القلعة وأخرجوا من كَانَ فِي الْبَلَد من الأجناد وَلَقَد ازْدحم النَّاس فِي الْبَاب حَتَّى كَاد يتْلف مِنْهُم جمَاعَة وَبَقِي فِي بعض الْكَنَائِس
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute