وَاتخذ الْأَفْضَل يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل ذِي الْقعدَة دَعْوَة لِأَخِيهِ الظَّاهِر وَكَانَ الظَّاهِر لما وصل دمشق بلغه حَرَكَة السُّلْطَان إِلَيْهَا فَأَقَامَ بهَا حَتَّى يتملى بِالنّظرِ إِلَيْهِ ثَانِيًا وَكَأن نَفسه الشَّرِيفَة كَانَت قد أحست بدنو أجل السُّلْطَان فودعه فِي تِلْكَ الدفعة مرَارًا مُتعَدِّدَة وَهُوَ يعود إِلَيْهِ وَلما اتخذ الْأَفْضَل لَهُ الدعْوَة أظهر فِيهَا من بديع التجمل وغريبه مَا يَلِيق بهمته وَكَأَنَّهُ أَرَادَ مجازاته عَمَّا خدمه بِهِ حِين وصل إِلَى حلب المحروسة وحضرها أَرْبَاب الدُّنْيَا وَأَبْنَاء الْآخِرَة وَسَأَلَ السُّلْطَان - رَحمَه الله - الْحُضُور فَحَضَرَ جبرا لِقَلْبِهِ
قَالَ وَكَانَ الْعَادِل قد اسْتَأْذن السُّلْطَان فِي أَوَاخِر رَمَضَان فِي الْقُدس بالمضي إِلَى الكرك لتفقدها فَمضى وَأمر باصلاح مَا قصد إِصْلَاحه وَعَاد طَالبا الْمُضِيّ إِلَى الْبِلَاد الفراتية الَّتِي أعطَاهُ السُّلْطَان إِيَّاهَا فوصل دمشق سَابِع عشر ذِي الْقعدَة وَخرج السُّلْطَان إِلَى لِقَائِه وَأقَام يتصيد حول غباغب إِلَى الْكسْوَة حَتَّى لقِيه وسارا جَمِيعًا يتصيدان وَكَانَ دخولهما إِلَى دمشق فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين مِنْهُ
وَأقَام السُّلْطَان بِدِمَشْق يتصيد هُوَ وَأَخُوهُ وَأَوْلَاده ويتفرجون فِي أَرَاضِي دمشق ومواطن الصِّبَا وَكَأَنَّهُ وجد بِهِ رَاحَة مِمَّا كَانَ فِيهِ من مُلَازمَة التَّعَب وَالنّصب وسهر اللَّيْل وَنصب النَّهَار وَمَا كَانَ ذَلِك إِلَّا كالوداع لأولاده ومرابع نزهه وَهُوَ لَا يشْعر - رَحْمَة الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute