قال: وهذا دعاء منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحملة علمه، ولابد بفضل الله تعالى من نيل بركته".
٢- ومنها أيضًا:
قوله: "تذاكرت بالمسجد الأقصى مع شيخنا أبي بكر الفهري حديث أبي ثعلبة المرفوع: "إن من ورائكم أيامًا للعامل فيها أجر خمسين منكم، فقالوا: منهم؟ فقال: بل منكم، لأنكم تجدون على الخير أعوانًا، وهم لا يجدون عليه أعوانًا"، وتفاوضنا كيف يكون أجر من يأتي من الأمة أضعاف أجر الصحابة مع أنهم قد أسسوا الإسلام وعضدوا الدين، وأقموا المنار، واقتحموا الأمصار، وحموا البيضة، ومهدوا الملة.
وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح في البخاري:"لو أنفق أحدكم كل يوم مثل أحد ذهبًا ما بلغ أحدهم ولا نصيفه", فتراجعنا القول وتحصل ما أوضحناه في شرح الصحيح, وخلاصته أن الصحابة كانت لهم أعمال كثيرة لا يلحقهم فيها أحد، ولا يدانيهم فيها بشر، وأعمال سواها من فروع الدين يساويهم فيها في الأجر من أخلص إخلاصهم، وخلصها من شوائب البدع والرياء بعدهم, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باب عظيم هو ابتداء الدين، والإسلام، وهو أيضًا انتهاؤه؛ وقد كان قليلًا في ابتداء الإسلام صعب المرام؛ لغلبة الكفار على الحق؟ وفي آخر الزمان أيضًا يعود كذلك؛ لوعد الصادق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفساد الزمان وظهور الفتن وغلبة الباطل واستيلاء التبديل والتغيير على الحق من الخلق وركوب من يأتي من سنن من مضى من أهل الكتاب, كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لتركبن سنن من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه".
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ, فطوبى للغرباء". رواه مسلم.