١٨٢ الأخبار التي جاء فيها أن الراكب غلام عثمان، وأن الجمل جمل الصدقة، وأن عثمان اعترف بذلك، كلها أخبار مرسلة لا يعرف قائلها أو مكذوبة أذاعها رواة مطعون في صدقهم وأمانتهم، ومضمون الكتاب اضطربت الروايات فيه، ففي بعض الروايات: "إذا قدم عليك عبد الرحمن بن عديس، فاجلده مائة واحلق له رأسه ولحيته وأطل حبسه حتى يأتيك أمري. وعمرو ابن الحمق فافعل به مثل ذلك. وسودان بن حمران مثل ذلك. وعروة ابن التباع الليثي مثل ذلك"، وفي رواية: "إذا أتاك محمد بن أبي بكر الصديق وفلان وفلان فاقتلهم، وأبطل كتابهم، وقر على عملك حتى يأتيك رأيي"، وفي رواية ثالثة أن مضمون الكتاب أمر عامله بالقتل والقطع والصلب على هؤلاء الثوار، وهذا الاختلاف في مضمون كتاب واحد مما يزيد بالريبة في أمره."خ". ١٨٣ وأعجب العجب أن قوافل الثوار العراقيين التي كانت متباعدة في الشرق والغرب عادت معًا إلى المدينة في آن واحد، أي أن قوافل العراقيين التي كانت بعيدة مراحل بعيدة عن قوافل المصريين علمت بالرواية المسرحية في الساعة التي مثلت فيها في البويب فرجعت إلى المدينة وقت رجوع المصريين، ووصلتا إلى المدينة معًا كأنما كانوا على ميعاد. ومعنى هذا أن الذين استأجروا الراكب ليمثل دور حامل الكتاب أمام قوافل المصريين استأجروا راكبًا آخر خرج من المدينة معه قاصدًا قوافل العراقيين ليخبرهم بأن المصريين اكتشفوا كتابًا بعث به عثمان إلى عبد الله بن سعد في مصر بقتل محمد بن أبي بكر، قال الطبري: ١٠٥:٥. فقال لهم علي: "كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقى أهل مصر، وقد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا؟ هذا والله أمر أبرم بالمدينة" "يشير كرم الله وجهه إلى تخلف الأشتر وحكيم في المدينة، وأنهما هما اللذان دبرا هذه المسرحية". قال الثوار العراقيون: "فضعوه على ما شئتم. لا حاجة لنا إلى هذا الرجل. ليعتزلنا" وهذا تسليم منهم بأن قصة الكتاب مفتعلة، وأن الغرض الأول والأخير هو خلع أمير المؤمنين عثمان وسفك دمه الذي عصمه الله بشريعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم."خ".