للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتب فينا بكذا؟ وقد أحل الله دمه، قالوا له: فقم معنا إليه، قال والله لا أقوم معكم، قالوا له: فلم كتبت١٨٤ إلينا؟ قال: والله ما كتبت إليكم. فنظر بعضهم إلى بعض١٨٥. وخرج علي من المدينة.

فانطلقوا إلى عثمان، فقالوا له: كتبت فينا كذا. قال لهم: إما أن تقيموا


١٨٤ "د": "كتب" ورواية خليفة بن خياط: "كتبت" "تاريخ خليفة بن خياط: ١٤٦/١" والمؤلف هنا اعتمد على خليفة بن خياط في رواية أخبار الفتنة، ووثقه فيها ونوه بإسناده "د. عمار طالبي"."س".
١٨٥ الطبري ١٠٨:٥. وهذا الحوار بين علي والثوار مجمع عليه في كل الروايات، وهو نص قاطع على أن اليد التي زورت الكتاب على عثمان، وبعثت إلى العراقيين تخبرهم بذلك وتطلب منهم أن يعودوا إلى المدينة، وهي اليد التي زورت على علي كتابًا إلى الثوار العراقيين بأن يعودوا. وقد قلنا من قبل أن الثوار فريقان -خادع ومخدوع- فالذين نظر بعضهم إلى بعض عندما حلف علي بأنه لم يكتب إليهم هم الفريق المخدوع، يتعجب كيف لم يكتب علي إليهم وقد جاءهم كتابه، ومن ذا الذي يكون قد كتب الكتاب على لسانه إن لم يكن هو الذي كتبه؟ وسيأتي قريبا أن مسروق بن الأجدع الهمداني "وهو من الأئمة الأعلام المقتدى بهم" عاتب أم المؤمنين عائشة بأنها كتبت إلى الناس تأمرهم بالخروج على عثمان، فأقسمت له بالله الذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون أنها ما كتبت إليهم سوادًا في بياض. قال سليمان بن مهران الأعمش "أحد الأئمة الأعلام الحفاظ": "فكانوا يرون أنه كتب على لسانها"، أيها المسملون في هذا العصر وفي كل عصر، إن الأيدي المجرمة التي زورت الرسائل الكاذبة على لسان عائشة أو علي وطلحة والزبير هي التي رتبت هذا الفساد كله، وهي التي طبخت الفتنة من أولها إلى آخرها، وهي التي زورت الرسالة المزعومة على لسان أمير المؤمنين عثمان إلى عامله في مصر في الوقت الذي كان يعلم فيه أنه لم يكن له عامل في مصر، وقد زورت هذه الرسالة على لسان عثمان بالقلم الذي زورت به رسالة أخرى على لسان علي، كل ذلك ليرتد الثوار إلى المدينة بعد أن اقتنعوا بسلامة موقف خليفتهم، وأن ما كان ولم يكن صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المبشر منه بالشهادة والجنة هو المجني عليه وحده بهذه المؤامرة السبئية الفاجرة، بل الإسلام نفسه كان مجنيًّا عليه قبل ذلك. والأجيال الإسلامية التي تلقت تاريخها الطاهر الناصع مشوهًا ومحرفًا هي كذلك ممن جنى عليهم ذلك اليهودي الخبيث، والمنقادون له بخطام الأهواء والشهوات.

<<  <   >  >>