للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبا بكر فليصل بالناس " وما قدمنا من تلك الأحاديث٣٦٩.

لقد اقتحموا عظيما، ولقد افتروا كبيرا. وما جعلها عمر شورى إلا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبأبي بكر، إذ قال: إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني، وإن لم أستخلف فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يستخلف٣٧٠. فما رد هذه الكلمات أحد. وقال: اجعلها شورى في النفر الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنهم راض٣٧١. وقد رضى الله عن أكثر منهم، ولكنهم كانوا خيار الرضا، وشهد لهم بالأهلية للخلافة.

وأما قولهم تحيل ابن عوف حتى ردها لعثمان، فلئن كانت حيلة ولم يكن سواه فلأن الحول ليس إليه٣٧٢.. وإذا كان عمل العباد حيلة أو كان القضاء بالحول والقوة لله. وقد علم كل أحد أنه لا يليها إلا واحد، فاستبد عبد الرحمن بن عوف ب الأمر- بعد أن أخرج نفسه- على أن يجتهد للمسلمين في الأسد والأشد، فكان كما فعل، وولا ها من استحقها، ولم يكن غيره أولى منه بها، حسبما بينا في مراتب الخلافة من أنوار الفجر٣٧٢،وفي غيره من كتب الحديث.


٣٦٩ في كتاب الإمارة من صحيح مسلم ك٣٣ ح١١ و١٢ ج٦ ص٤-٥ من حديث عروة بن الزبير عن ابن عمر، ومن حديث سالم عن ابن عمر. وفي مسند أحمد ٤٢:١ رقم٢٩٩ عن عروة بن عمر، و ٤٦:١ رقم٣٢٢ عن حميد بن عبد الرحمن عن ابن عباس، و٤٧:١ رقم ٣٣٢ عن الزهري عن سالم عن ابن عمر. خ
٣٧٠ من حديث عمرو بن ميمون المطول في كتاب فضائل الصحابة من صحيح البخاري ك٦٢ ب٨ج ٤ ص٢٠٤-٢٠٧.
٣٧٢ بل إلى الله. وأن الله هو الموفق لابن عوف وسائر إخوانه الصحابة حتى كانوا في ذلك الموقف على ما أراده الله لهم من صفاء النية وإخلاص القصد والعمل لله وحده، فكان اختيار خليفة عمر في حاديث الشورى مثلا أعلى للنفس الإنسانية عندما تكون في أعلى مراتب النبل، والتجرد عن جميع خواطر الهوى.
٣٧٣ هو التفسير الكبير لابن العربي في ثمانين مجلدا. خ.

<<  <   >  >>