للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقطع عليه كلامه، فقال: إنك والله لوددت أنا وكلناك في أمرا بنك إلى الله. وإنا والله لا نفعل. والله لتردن هذا الأمر شورى في المسلمين أو لتفرنها عليك جذعة٤١٥ ثم وثب فقال معاوية: اللهم اكفينيه٤٢٠ بما شئت. ثم قال: على رسلك أيها الرجل، لا تشرفن لأهل الشام، فإني أخاف أن يسبقوني بنفسك، حتى أخبر العشية أنك قد بايعت، ثم كن بعد ذلك على ما بدا لك من أمرك.

ثم أرسل إلى ابن الزبير فقال: يا ابن الزبير، إنما أنت ثعلب رواغ كلما خرج من جحر دخل في آخرن وإنك عمدت إلى هذين الرجلين فنفخت في مناخرهما. فقال ابن الزبير: إن كنت قد مللت الإمارة فاعتزلها، وهلم ابنك فلنبايعه. أرأيات إذا باعيت ابنك معك لأيكما نسمع، لأيكما نطيع؟ لا نجتمع البيعة لكما أبدا٤٢١. ثم قام.

فخرج معاوية فصعد المنبر فقال: إنا وجدناه أحاديث الناس ذوات عوار. زعموا أن ابن عمر وان الزبير وابن ابي بكر لم يبايعوا يزيد، قد سمعوا وأطاعوا وبايعوا له.

فقال أهل الشام: لا والله، لا نرضى حتا يبايعوا على رؤوس الأشهاد، وإلا ضربنا أعناقهم.

فقال: سبحان الله، ما أسرع الناس إلى قري بالشرب لا أسمع هذه المقالة من أحد بعد اليوم، ثم نزل.

فقال الناس: بايعوا. ويقولون هم: لم نبايع. ويقول الناس: قد بايعتهم.

وروى وهب من طريق أخرى قال: خطب معاوية فذكر ابن عمر فقال: والله ليبايعين أو لأقتلنه. فخرج عبد الله بن عمر إلى أبيه


٤١٩ أي لتنكشف عليك الفتنة في أشد حالاتها، ويلاحظ أن الذين انتحلوا هذه الأقوال في الاستطالة على معاوية لم يطعنوا في كفاءة يزيد وأهليته لأنها آخر ما يرتابون فيه.
٤٢٠ ب، ج، ذ: أكففه. س.
٤٢١ ابن الزبير أذكى من أن تفوته أن البيعة ليزيد بعد معاوية، وليست لهما معا في حياة معاوية. والذين اخترعوا هذه الأخبار وأضافعوها إلى وهب ابن جرير بن حازم يكذبون كذبا مفضوحا.

<<  <   >  >>