للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسار إلى مكة ثلاثا وأخبره٤٢٢، فبكى ابن عمر، فبلغ الخبر إلى عبد الله ابن صفوان: فدخل على ابن عمر فقال: أخطب هذا بكذا؟ قال: نعم.

قال: فما تريد، أتريد قتاله؟ قال: يا ابن صفوان، الصبر خير من ذلك.

فقال ابن صفوان: والله لئن أراد ذلك لأقاتلنه٤٢٢. فقدم معاوية مكة فنزل ذا طوى، وخرج إليه عبد الله بن صفوان فقال: أنت تزعم أنك تقتل ابن عمر إن لم يبايع لابنك؟ قال: أنا أقتل ابن عمر؟ إني والله لا أقتله.

وروى وهب من طريق ثالث٤٢٤ قال: إن معاوية لما راح عن بطن مر قاصدا إلىمكة قال لصاحب حرسه: لا تدع أحدا يسير معي إلا من حملته.

فخرج يسير وحده، حتى إذاكان وسط الأراك لقيه الحسن بن علي، فوقف وقال: مرحبا وأهلا بابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيد شباب المسلمين. دابة لأبي عبد الله يركبها. فأتى ببرذون، فتحول عليه. ثم طلع عبد الرحمن بن أبي بكر٤٢٥، فقال مرحبا بابن شيخ قريش وسيدهم


٤٢٢ هذا الخبر عن وهب بن جرير بن حازم يشعر با، معاوية خطب هذه الخطبةوهو في المدينة قادما إليها من دمشق قبل أن يصل إلى مكة، وأن ابن عمر كان يومئذ في مكة فركب إليه ابنه حتى لقيه بمكة واخبره بهذه الخطبة. وفي الخبر الذي قبل هذا- وهو مروى عن وهب بن جرير بن حازم وأنه كان مع الأعيان الذين خرجوا لاستقباله. فالخبران متناقضان يكذب أحدهما الآخر مع أنهما عن راو واحد. ولا أدري من أين جاء بهما المؤلف، ولم ينقلهمال الطبري مع أنه يعتني بأخبار وهب بن جرير لأنه ثقة، ووهب مات سنة ٢٠٦ وأبوه مات سنة ١٧٠ بعد أن اختلط، فبينهما وبين هذه الحوادث رواة آخرون، وبينهما وبين الطبري وغيره من المؤرخين رواة كثيرون. وأعتقد أن هذه الأخبار غير صحيحة لتناقضها، ولو عرفنا رواتها إلى وهب بعد وهب لعرفنا من أين جاء الكذب. خ.
٤٢٣ عبد الله بن صفوان حفيد أمية بن خلف الجمحي، قتل مع ابن الزبير سنة ٧٣.
٤٢٥ نحن نعلم من الخبر الأول عن وهب نفسه أن عبد الرحمن بن أبي بكر كان في المدينة، وكان في الذين استقبلوا معاوية عند وصوله إليها من دمشق، فما الذي طار به إلى مكة حتى صار في مستقبلي معاوية عند وصوله إليها؟ حقا أن الذين يكذبون على معاوية أغبياء لا يجيدون ولا صناعة الكذب.

<<  <   >  >>