للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=
دعوي فلأذهب في الأرضي العريضة حتى ننظر ما يصير أمر الناس. المسعودي ص١٣١.
وهذا الطلب من الحسين لا يمكن قبوله لمن أوتي أقل نصيب من السياسة والتفكير خيفة أن يقوم الحسين بتحريض شيعته في الأمصار فتندلع الثورات والفتن.
ونرى لو أن عبيد الله بن زياد وصحبه حاصروا الحسين رضي الله عنه وجماعته وأحاطوهم بصنوف العناية والرعاية، وقدموا لهم ما يشتهون، وتذكروا أمر الصلح لليام ريثما تهدأ ثائرة الحسين لكان خيرا.
ولك ذلك كان ممكنا ما داموا قلة لا يزيدون على مئة، فلا يقاتلونهم، ولو قاتلوا على أن تنزع منهم أسلحتهم بمختلف الأساليب ولكن أمر الله كان قدرا مقدورا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
نسأل الله سبانه أن يهدي هؤلاء الذين يجددون ذكرى هذه الكارثة من عام إلى آخر وما يهلكون غلا أنفسهم في الدنيا قبل الآخرة وهم لا يشعرون، وخاصة وأن الأمويين قد زالوا. ولكن قبح الله اليهودية والشعوبية فإنهما لا تزالن تعيثان فسادا في النفوس لتحارب الإسلام والمسلمين باسم نصرة آل البيت كذبا وزورا.
وختما لهذا الموضوع الخطير نقول كما قال المؤرخ المحقق عزة دروزة ٣٨٦/٨ بعدما نقل بعض ما ذكرناه في هذا البحث.
ونشهد الله على أننا لم نكتب ماكتبناه عن هوى أو بغض للحسين رضي الله تعالى عنه وآل بيته وعلى أننا نكن لهم أشد الاحترام والمحبة لصلتهم الشريفة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكننا كمؤرخين لا يسعنا أن نكتب غير ذلك، إذا أردنا أن نلتزم المنطق والإنصاف والحق، لأن الروايات التي تطئمن بها النفس لا تسمح بغيره.
ولم ننفرد بهذه النتائج التي استنتجناها من الروايات. فهناك كثيرون غيرنا يشاركوننا فيها، بل وإنه ليشاركنا فيها كل منصف متجرد عن الهوى من المسلمين على اختلاف طوائفهم.
ونورد هنا قولين في ذلك أحدهما للإمام المصلح العظيم ابن تيمية، والثاني للمؤرخ المحقق الشيخ محمد الخضري رحمهما الله.
وقد أورد الإمام ابن تيمية خبر ما تلقاه الحسين من نصائح كثيرة بعدم الخروج والتحذير من العواقب ثم قال:
إنه لم يكن في الخروج مصلحة لا في دين ولا في دنيا. وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يحصل لو قعد في بلده. فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء بل زاد الشر بخروجه وقتله، ونقص الخير

<<  <   >  >>