للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتقي الله في ذكر سيئاتهم, فلا يبالغ فيها ولا ينخدع بما افتراه المغرضون من أكاذيبها.

نحن المسلمين لا نعتقد العصمة لأحد بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكل من ادعى العصمة لأحد بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو كاذب، فالإنسان إنسان، يصدر عنه ما يصدر عن الإنسان، فيكون منه الحق والخير، ويكون منه الباطل والشر، وقد يكون الحق والخير في إنسان بنطاق واسع فيعد من أهل الحق والخير، ولا يمنع هذا من أن تكون له هفوات، وقد يكون الباطل والشر في إنسان آخر بنطاق واسع، فيعد من أهل الباطل والشر، ولا يمنع هذا من أن تبدر منه بوادر صالحات في بعض الأوقات.

يجب على من يتحدث عن أهل الحق والخير إذا علم لهم هفوات، أن لا يسيء ما غلب عليهم من الحق والخير, فلا يكفر ذلك كله من أجل تلك الهفوات، ويجب على من يتحدث عن أهل الباطل والشر إذا لهم بوادر صالحات، أن لا يوهم الناس أنهم من أهل الصالحات من أجل تلك الشوارد الشاذة من أعمالهم الصالحات.

إن أحداث المائة الأولى من عصور الإسلام كانت من معجزات التاريخ، والعمل الذي عمله أهل المائة الأولى من ماضينا السعيد لم تعمل مثله أمة الرومان، ولا أمة اليونان قبلها، ولا أمة من أمم الأرض بعدها.

أما أبو بكر وعمر، وسائر الخلفاء الأربعة الراشدين، وإخوانهم من العشرة المبشرين بالجنة، وطبقتهم من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خصوصًا الذين لازموه، وراقبوه وتمتعوا بجميل صحبته "من أنفق منهم من قبل الفتح وقاتل، والذين أنفقوا من بعد وقاتلوا" فإنهم جميعا كانوا شموسًا طلعت في سماء الإنسانية مرة، ولا تطمع الإنسانية بأن يطلع في سماءها شموس من طرازهم مرة أخرى، إلا إذا عزم المسملون على أن يرجعوا إلى فطرة الإسلام، ويتأدبوا بأدبه من جديد، فيخلق الله منهم

<<  <   >  >>