للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا كان يرجوها لنفسه ولا خلاف انه ليس لأحد ان يفعل ذلك في غير عثمان فكيف بعثمان رضى الله عنه

وقد سموا من قام عليه فوجدناهم أهل أغراض سوء حيل بينهم وبينها ٥٢فوعظوا وزجروا ٥٣ وأقاموا بحمص عند عبد الرحمن


= يوقعوهم في حبائل الفتنة فبينهم وبين مستوى أهل الشورى أبعد مما بين الحضيض والقمة, بل أبعد مما بين الشر والخير. وإن الشر الذي أقحموه على تاريخ الإسلام بحماقاتهم وقصر أنظارهم لو لم يكن من نتائجه إلا وقوف حركة الجهاد الإسلامي فيما وراء حدود الإسلام سنين طويلة لكفى به إثما وجناية. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (٢: ١٨٦) : إن خيار المسلمين لم يدخل واحد منهم في دم عثمان. لا قتل، ولا أمر بقتله، وإنما قتله طائفة من المفسدين في الأرض من أوباش القبائل وأهل الفتن. وكان علي رضي الله عنه يقول «اللهم العن قتلة عثمان في البر والبحر والسهل والجبل» ."خ"
٥٢ الذين شاركوا في الجناية على الإسلام يوم الدار طوائف على مراتب: فيهم الذين غلب عليهم الغلو في الدين، فأكبروا الهنات، وارتكبوا في إنكارها الموبقات. وفيهم الذين ينزعون إلى عصبية يمنية على شيوخ الصحابة من قريش, ولم تكن لهم في الإسلام سابقة. فحسدوا أهل السابقة من قريش على ما أصابوا من مغانم شرعية جزاء جهادهم وفتوحهم, فأرادوا أن يكون لهم مثلها بلا سابقة ولا جهاد. وفيهم الموتورون من حدود شرعية أقيمت على بعض ذويهم, فاضطغنوا في قلوبهم الإحنة والغل لأجلها. وفيهم الحمقى الذين استغل السبئيون ضعف قلوبهم فدفعوهم إلى الفتنة والفساد والعقائد الضالة. وفيهم من أثقل كاهله خير عثمان ومعروفه نحوه, فكفر معروف عثمان عندما طمع منه بما لا يستحقه من الرئاسة والتقدم بسبب نشأته في أحضانه. وفيهم من أصابهم من عثمان شيء من التعزير لبوادر بدرت منهم تخالف أدب الإسلام, فأغضبهم التعزير الشرعي من عثمان, ولو أنهم قد نالهم من عمر أشد منه لرضوا به طائعين. وفيهم المتعجلون بالرياسة قبل أن يتأهلوا لها اغترارا بما لهم من ذكاء خلاب أو فصاحة لا تغذيها الحكمة, فثاروا متعجلين بالأمر قبل إبانه. وبالإجمال, فإن الرحمة التي جبل عليها عثمان وامتلأ بها قلبه أطمعت الكثير فيه, وأرادوا أن يتخذوا من رحمته مطية لأهوائهم. ولعلي إذا اتسع لي الوقت أتفرغ لدراسة نفسيات هؤلاء الخوارج على عثمان, وتنظيم المعلومات الصحيحة التي بقيت لنا عنهم, ليكون من ذلك درس عبرة لطلاب التاريخ الإسلامي.
٥٣ وقد وعظهم وزجرهم أهل العافية والحكمة والرضا من أعيان =

<<  <   >  >>