للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهم، ولو أراد عثمان لكان مستنصرًا بالصحابة، ولنصروه في لحظة٦٣.

وإنما جاء القوم مستجيرين متظلمين٦٤، فوعظهم، فاستشاطوا، فأراد الصحابة [إليهم] *، فأوعز إليهم عثمان لا يقاتل أحد بسببه أبدًا.

فاستسلم، وأسلموه برضاه.

وهي مسألة من الفقه كبيرة: هل يجوز للرجل أن يستسلم، أم يجب عليه أن يدافع عن نفسه؟

وإذا استسلم وحرم على أحد أن يدافع عنه بالقتل، هل يجوز لغيره أن يدافع عنه ولا يلتفت إلى رضاه؟ اختلف العلماء فيها.

فلم يأتِ عثمان منكرًا لا في أول الأمر، ولا في آخره، ولا جاء الصحابة بمنكرة, وكل ما سمعت من خبر باطل إياك أن تلتفت إليه٦٦.


٦٣ ولقد راوده في ذلك مرارًا، وعرض عليه معاوية أن ينقل دار الخلافة إلى الشام، أو يمده بجند من الشام لا يعرف له التاريخ إلا التقدم والظفر."خ".
٦٤ أي أن البغاة ظهروا بمظهر المتظلم، وهو يدعى أمورًا يشكوها، فكان عثمان يرى لهم حقًّا عليه أن يبين لهم وللناس حجته فيما ادعوا، ووجهة نظره في الأمور التي زعموها أنهم جاءوا يتظلمون منها."خ".
* كذا في جميع النسخ "إليهم" إلا أن الشيخ محب الدين غيره إلى "ألهم" دون أن يشير إلى ذلك، والظاهر أن النص كما هو مثبت والمقصود منه أنهم ارادوا القيام إليهم ومدافعتهم عن عثمان "من تعليق الدكتور عمار طالبي"."س".
٦٦ ومعيار الأخبار في تاريخ كل أمة الوثوق من مصادرها، والنظر في ملائمتها لسجايا الأشخاص المنسوبة إليهم، وأخبار التاريخ الإسلامي نقلت عن شهود عيان ذكروها لمن جاءوا بعدهم، وهؤلاء رووها لمن بعدهم، وقد اندس في هؤلاء الرواة أناس من أصحاب الأغراض زوروا أخبارًا على لسان آخرين وروَّجوها في الكتب إما تقربًا لبعض أهل الدنيا، أو تعصبًا لنزعة يحسبونها من الدين، ومن مزايا التاريخ الإسلامي-تبعًا لما جرى عليه علماء الحديث- إنه قد تخصص فريق من العلماء في نقد الرواية والرواة، وتمييز الصادقين منهم عن الكذبة، حتى صار ذلك علمًا محترمًا له قواعد، وألفت فيه الكتب، ونظمت للرواة معاجم حافلة بالتراجم، فيها التنبيه على مبلغ كل راوٍ من الصدق والتثبت والأمانة في النقل، وإذا كان لبعضهم نزعات حربية أو مذهبية
=

<<  <   >  >>