قال ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن (ص: ٧٣): "ونفى سبحانه أن يكون ودع نبيه أو قلاه؛ فالتوديع الترك، والقلى البغض؛ فما تركه منذ اعتنى به وأكرمه، ولا أبغضه منذ أحبه. وأطلق سبحانه أن الآخرة خير له من الأولى، وهذا يعم كل حالة يرقيه إليها؛ هي خير له مما قبلها، كما أن الدار الآخرة خير له مما قبلها، ثم وعده بما تقرُّ به عينه، وتفرح به نفسه، وينشرح به صدره، وهو أن يعطيه فيرضى، وهذا يعم ما يعطيه من القرآن، والهدى، والنصر، وكثرة الاتباع، ورفع ذكره، وإعلاء كلمته، وما يعطيه بعد مماته، وما يعطيه في موقف القيامة، وما يعطيه في الجنة. وأما ما يغتر به الجهال من أنه لا يرضى وواحد من أمته في النار أو لا يرضى أن يدخل أحد من أمته النار؛ فهذا من غرور الشيطان لهم، ولعبه بهم؛ فإنه صلوات الله وسلامه عليه يرضى بما يرضى به ربه ﵎، وهو سبحانه يدخل النار من يستحقها من الكفار والعصاة، ثم يحد لرسوله حدًّا يشفع فيهم، ورسوله أعرف به وبحقه من أن يقول: لا أرضى أن يدخل أحدًا من أمتي النار على أن يدعه فيها! بل ربه ﵎ يأذن له؛ فيشفع فيمن شاء الله أن يشفع فيه، ولا يشفع في غير من أذن له فيه ورضيه".