للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلها [ق ٤٩] من الأمم.

وذكر في غير موضع أن سنته في ذلك سنة مُطَّرِدة وعادته مستمرة؛ فقال تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ... } إلى قوله: {اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: ٦٠ - ٦٢].

وقال تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٢٢) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الفتح: ٢٢ - ٢٣].

وأخبر سبحانه أنَّ دأب الكافرين من المستأخرين كدأب الكافرين من المستقدمين. فينبغي للعقلاء أن يعتبروا بسنة الله وأيامه في عباده، ودأب الأمم وعاداتهم، لا سيما في مثل هذه الحادثة العظيمة التي طَبَّقَ الخافقين خَبَرُها، واستطار في جميع ديار المسلمين (١) شرَرُها، وأطلع فيها النفاقُ ناصيةَ رأسه، وكَشَر فيها الكفرُ عن أنيابه وأضراسه، وكاد فيه (٢) عمود الكتاب أن يُجْتَثَّ ويُخْتَرم، وحَبْل الإيمان أن يُقْطَع (٣) ويُصْطَلم، وعُقْر دار المؤمنين أن يحلّ بها البوار، وأن يزول هذا الدين باستيلاء الفَجَرة التتار، وظنَّ المنافقون والذين في قلوبهم مرض أنْ ما وعدهم الله ورسولُه إلا غرورًا، وأن لن ينقلب حزبُ الله ورسوله إلى أهليهم أبدًا، وزُيّن ذلك في قلوبهم، وظنوا ظنَّ السَّوء وكانوا


(١) (ك): «الإسلام».
(٢) (ف، ك): «فيها».
(٣) (ف، ك): «ينقطع».

<<  <  ج: ص:  >  >>