للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وهكذا هذا العام؛ جاء العدوُّ من ناحيتي علوّ الشام، وشمالي (١) الفرات، وقِبْلي (٢) الفرات؛ فزاغت الأبصارُ زيغًا عظيمًا [ق ٥٨] وبلغت القلوب الحناجرَ لعظم البلاء، لاسيّما لما استفاض الخبر بانصراف العسكر إلى مصر، وبِقُرْب (٣) العدوِّ، وتوجُّهه إلى دمشق، وظنَّ الناس بالله الظنون (٤):

هذا يظنُّ أنه لا يقف قُدَّامهم أحد من جند الشام، حتى يصطلموا أهل الشام.

وهذا يظن أنهم لو وقفوا لكسروهم شرَّ كِسْرة، وأحاطوا بهم إحاطةَ الهالة بالقمر.

وهذا يظنُّ أن أرض الشام ما بقيت تُسْكَن، ولا بقيت تكون تحت مملكة الإسلام.

وهذا يظن أنهم يأخذونها، ثم يذهبون إلى مصر فيستولون عليها، فلا يقف قُدّامهم أحد، فيحدِّث نفسَه بالفرار إلى اليمن ونحوها.

وهذا ــ إذا أحسن ظنَّه ــ قال: إنهم (٥) يملكونها العام، كما ملكوها عام هولاكو سنة سبع وخمسين. ثم قد يخرج العسكر من مصر فيستنقذها منهم، كما خرج ذلك العام. وهذا (٦) ظنُّ خيارِهم.


(١) (ف، ك): «وهو شمالي».
(٢) (ف، ك): «وهو قبلي».
(٣) بقية النسخ: «وتقرب».
(٤) بقية النسخ: «الظنونا».
(٥) (ق): «وهذا أحسن ... إنهم لا ... ».
(٦) (ق): «هكذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>