للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا جاء الأحزابُ عام الخندق فرأوهم (١) قالوا: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}، وعلموا أنَّ الله قد ابتلاهم بالزلزال. وأتاهم مَثَل الذين من قبلهم، وما زادهم إلّا إيمانًا وتسليمًا لحكم الله وأمره.

* وهذا حالُ أقوامٍ في هذه الغزوة قالوا ذلك.

وكذلك قوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: ٢٣].

أي: عهده الذي عاهد الله عليه، فقاتل حتى قُتِل أو عاش.

«والنَّحبُ»: النَّذرُ والعهد ــ وأصله من النَّحِيْب (٢)، وهو الصوت. ومنه: الانتحاب في البكاء ــ وهو الصوت الذي تكلَّم به في العهد.

ثمّ لمّا كان عهدهم هو نَذْر (٣) الصِّدق في اللقاء ــ ومن صَدَق في الِّلقاء فقد يُقتَل ــ صار يُفْهَمُ من قوله: {قَضَى نَحْبَهُ} أنه استُشْهِد، لاسيّما إذا كان النَّحْب (٤) نَذْر الصّدق في جميع المواطن، فإنَّه لا يقضيه إلّا بالموت.

وقضاءُ النَّحْب هو الوفاء بالعهد، كما قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} أي: أكمل الوفاء، وذلك لمن


(١) الأصل: «فزادهم».
(٢) (ف): «التنحب».
(٣) (ف، ك): «نذره».
(٤) (ق): «النحيب».

<<  <  ج: ص:  >  >>