للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام = الآن نغزوهم ولا يغزونا. ويتوب الله على من يشاء (١) من المسلمين، الذين خالط قلوبَهم مرضٌ أو نفاق، بأن يُنيبوا إلى ربهم ويحسن ظنُّهم في الإسلام، وتقوى عزيمتهم على جهاد عدوِّهم.

فقد أراهم الله من (٢) الآيات ما فيه عبرةٌ لأُولي الأبصار، كما قال: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: ٢٥].

فإنّ الله صَرَف الأحزابَ عام الخندق بما أرسل عليهم من ريح الصَّبا ــ ريحٍ شديدةٍ باردةٍ ــ وبما فرَّق به بين قلوبهم، حتَّى شَتَّت شَمْلهم، ولم ينالوا خيرًا، إذ كان هِمّتُهم فتح المدينة والاستيلاء على الرسول والصحابة، كما كان همة هذا العدوِّ فتح الشَّام والاستيلاء على من بها من المؤمنين= فرَدَّهم الله بغيظهم، حيث أصابهم من الثَّلج العظيم، والبرد الشديد، والرِّيح العاصف، والجزع (٣) المزعج، ما الله به عليم.

وقد كان بعض الناس يكره تلك الثلوج والأمطار العظيمة التي وقعت في هذا العام، حتَّى طلبوا الاستصحاء غير مرَّة، وكنا نقول لهم: هذا فيه خِيْرَةٌ عظيمة، وفيه لله حكمة وسرٌّ فلا تكرهوه، وكان (٤) من حكمته أنه ــ فيما قيل ــ أصاب غازان وجنودَه حتّى أهلكهم. وهو كان ــ فيما قيل ــ سبب رحيلهم،


(١) (ف، ك): «شاء».
(٢) (ك): «أراهم من».
(٣) كذا بالأصل، وفي (ق، ف، ك): «الجوع».
(٤) (ق): «تكرهونه ... »، (ف): «فكا»، (ك): «فكان».

<<  <  ج: ص:  >  >>