للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فسُقْتُه إلى مقابلة العدوّ، وهم مُتحدّرون (١) كالسّيل، تلوحُ أسلحتُهم (٢) من تحت الغبار المنعقد عليهم.

ثم قلت له: يا سيدي! هذا موقف الموت، وهذا العدوّ قد أقبل تحت هذه الغَبَرة المنعقدة، فدونك وما تريد.

قال: فرفع طَرْفَه إلى السماء، وأشخصَ بصرَه (٣)، وحرّك شفتيه طويلًا، ثم انبعثَ وأقدم على القتال. وأما أنا فخُيِّل إليَّ (٤) أنّه دعا عليهم، وأنّ دعاءه استُجيب منه في تلك الساعة.

قال: ثم أحال (٥) القتال بيننا والالتحام، وما عدتُ رأيتُه، حتى فتح الله ونصر، وانحاز التتار إلى جبل صغير، عصموا نفوسهم به من سيوف المسلمين تلك الساعة، وكان آخر النهار.

قال: وإذا أنا بالشيخ وأخيه يصيحان بأعلى صوتيهما، تحريضًا على القتال، وتخويفًا للناس من الفرار.

فقلت له: يا سيدي! لك البشارةُ بالنصر، فإنّه قد فتح الله ونصر، وهاهم التتار محصورون بهذا السّفْح، وفي غدٍ ــ إن شاء الله ــ يُؤخَذون عن آخرهم.


(١) (ب، ق): «منحدرون»، (ف، ك): «متحدون».
(٢) (ق): «أسلاحتهم».
(٣) (ب، ق): «ببصره».
(٤) (ف): «لي».
(٥) كذا في النسخ، ولعلها: «حال» أي: منع. أما «أحال» فمعناها: تحوّل.

<<  <  ج: ص:  >  >>