للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به من الفتح والنصر على هؤلاء الطَّغَام، هو من عزائم (١) الأمور التي أنعم الله بها على السلطان وأهل الإسلام.

وذلك أنَّ هؤلاء وجنسهم من أكابر المفسدين في أمر الدنيا والدين، فإن اعتقادهم: أنَّ أبا بكر وعمر وعثمان، وأهل بَدْر وبَيْعة الرِّضوان، وجمهور المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، وأئمة الإسلام وعلماءَهُم، أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، ومشايخ الإسلام وعُبَّادهم، وملوك المسلمين وأجنادهم، وعوامَّ المسلمين وأفرادهم. كل هؤلاء عندهم كُفَّار مرتدُّون، أكفر من اليهود والنصارى؛ لأنهم مُرتدّون عندهم، والمرتدُّ شَرٌّ من الكافر الأصلي. ولهذا السبب يُقدِّمون الفرنج والتتار على أهل القرآن والإيمان.

ولهذا لمّا قَدِم التتار إلى البلاد، فعلوا (٢) بعسكر المسلمين ما لا يحصى من الفساد، وأرسلوا إلى أهل قُبْرُس (٣) فملكوا بعض الساحل، وحملوا راية الصَّليب، وحملوا إلى قبرس من خيل المسلمين وسلاحهم وأسْراهم ما لا يُحصي عَدَدَه إلا الله، وأقام سوقهم بالساحل عشرين يومًا يبيعون فيه المسلمين والخيل والسلاح على أهل قبرس، وفرحوا بمجيء التتار، هم وسائر أهل هذا المذهب الملعون، مثل أهل جِزِّين (٤) وما حواليها، وجبل


(١) (ف): «عظائم».
(٢) (ف): «وفعلوا».
(٣) قُبْرُس: جزيرة في شرق حوض البحر الأبيض المتوسط، بها دولة قائمة الآن، أغلب سكانها من اليونان والأتراك. وانظر «معجم البلدان»: (٤/ ٣٠٥).
(٤) أحد أقاليم مدينة صيدا في لبنان، أهلها مشهورون بالرفض. انظر «نزهة المشتاق»: (ص ١١٩)، و «توضيح المشتبه»: (٣/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>