للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره. وفيها هذا وأعظم منه. وهم اعترفوا لنا بأنهم الذين علَّموهم وأمروهم، لكنهم مع هذا يُظهرون التّقيَّة والنفاق، ويتقرَّبون ببذل الأموال إلى من يقبلها منهم. وهكذا كان عادة هؤلاء الجَبَلِيَّة، فإنما أقاموا بجَبَلهم لما كانوا يظهرونه من النفاق ويبذلونه من البِرْطِيل (١) لمن يقصدهم.

والمكان الذي لهم في غاية الصعوبة. ذكر أهل الخبرة أنهم لم يروا مثله؛ ولهذا كثر فسادُهم؛ فقتلوا من النفوس وأخذوا من الأموال ما لا يعلمه إلا الله.

ولقد كان جيرانهم من أهل البقاع وغيرها معهم في أمر لا يُضْبط شرُّه، كل ليلة تنزل (٢) عليهم منهم طائفة، ويفعلون من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد. وكانوا في قطع الطرقات وإخافة سكان البيوتات على أقبح سيرة عُرِفت من أهل الجنايات، يرد إليهم النصارى من أهل قبرس فيضيفونهم


(١) البرطيل: الرشوة. وقد شرحه شيخ الإسلام في «السياسة الشرعية»: (ص ٩١ - بتحقيقي) قال: «وأصل البرطيل هو الحجر المستطيل، سميت به الرشوة لأنها تلقم المرتشي عن التكلم بالحق كما يلقمه الحجر الطويل، كما قد جاء في الأثر: إذا دخلت الرشوة من الباب خرجت الأمانة من الكُوَّة. يعني الطاقة». وانظر في تعليقي فائدة في أول من أظهر البرطيل بالشام.
(٢) (ف): «ينزل».

<<  <  ج: ص:  >  >>