للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممن حولَه، وأخْرَق بهم، فرجعوا مضروبين في غاية الإهانة!

ثم طلب سيفُ الدين جاغانُ من قام في ذلك وسعى فيه، فدارت الرسلُ والأعوانُ عليهم في البلد، فاختفوا، واحتمى مُقدَّمهم ببدر الدِّين الأتابكي، ودخل عليه في داره، وسأل منه أن يجيره (١) من ذلك. فترفَّق في أمره، إلى أن سكن غضب (٢) سيفُ الدّين جاغان.

ثُمَّ إنّ الشيخ جلس يوم الجمعة على عادته ثالث عشر الشهر، وكان تفسيره في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤]، وذَكَر الحِلْمَ، وما ينبغي استعمالُه، وكان ميعادًا جليلًا.

ثُمّ إنّه اجتمع بالقاضي إمام الدين الشافعي (٣)، وواعده لقراءة جُزئه الذي أجابَ فيه، وهو المعروف بـ «الحموية».

فاجتمعوا يوم السبت رابع عشر الشهر، من بُكرة النهار إلى نحو الثلث من ليلة الأحد، ميعادًا طويلًا مستمرًّا، وقُرِئت (٤) جميع العقيدة، وبَيَّن مرادَه من مواضع أشكلت، ولم يحصل إنكارٌ عليه من الحاكم ولا ممَّن حضر المجلس، بحيثُ انفصل منهم والقاضي يقول: كلُّ من تكلَّم في الشيخ فأنا


(١) رسمها في الأصل: «يجيره». وفي (ف): «يخبره».
(٢) من بقية النسخ.
(٣) هو: عمر بن عبد الرحمن بن أحمد أبو المعالي القزويني الشافعي قاضي القضاة بدمشق (ت ٦٩٩). قال ابن كثير: «وكان القاضي إمام الدين معتقده حسنًا ومقصده صالحًا». انظر: «أعيان العصر»: (٣/ ٦٣٣ - ٦٣٤)، و «البداية والنهاية»: (١٧/ ٧١١ - ٧١٢).
(٤) (ق، ف، ك): «وقرئت فيه».

<<  <  ج: ص:  >  >>