للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما ذكرتُ آية الكرسِّي، أظنُّ سألَ الأميرُ عن قولنا: «لا يقربه شيطانٌ حتَّى يصبح». فذكرتُ حديثَ (١) أبي هريرة في الذي كان يسرق صدقةَ الفطر، وذكرتُ أنَّ البخاريَّ رواه في «صحيحه» (٢).

وأخذوا يذكرون نفيَ التشبيه والتجسيم، ويُطنبون في هذا ويُعَرِّضون بما ينسبه بعضُ الناس إلينا من ذلك.

فقلتُ: قولي (٣): «من غير تكييف ولا تمثيل» ينفي كلَّ باطل، وإنَّما اخترتُ (٤) هذين الاسمين؛ لأنَّ «التكييف» مأثورٌ نفيه عن السَّلَف، كما قال ربيعةُ، ومالكٌ، وابن عُيينة وغيرهم ــ المقالةَ التي تلقَّاها العلماءُ بالقبول ــ: «الاستواءُ معلوم، والكيفُ مجهول، والإيمانُ به واجب، والسؤال عنه بدعة».

واتَّفق (٥) هؤلاء السَّلف على أن الكيف غير معلومٍ لنا، فنفيتُ ذلك اتّباعًا لسلفِ الأُمَّة، وهو أيضًا منفيٌّ بالنَّصِّ. فإنَّ تأويل آياتِ الصفات يدخلُ فيها حقيقةُ الموصوف وحقيقةُ صفاته، وهذا من التأويل الذي لا يعلمُه إلَاّ الله. كما قد قرَّرْتُ ذلك في قاعدةٍ مفردة ذكرتها في «التأويل، والمعنى، والفَرْق بين عِلْمِنا بمعنى الكلام، وبين عِلْمِنا بتأويله».


(١) (ك): «له حديث».
(٢) رقم (٢٣١١).
(٣) (ب): «قوله».
(٤) (ف، ك): «أخذت».
(٥) بقية النسخ: «فاتفق».

<<  <  ج: ص:  >  >>