للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطَلَعَ منهم خلقٌ إلى القلعة، وكان منهم خلقٌ تحت القلعة= كانت (١) لهم ضَجَّةٌ شديدة، حتى قال السلطان: ما لهؤلاء؟

فقيل له: هؤلاء كلُّهم قد جاءوا من أجل الشيخ تقيّ الدين ابن تيميَّة يشكون منه، ويقولون: إنه يسبُّ مشايخهم، ويضعُ من قَدْرهم عند الناس! واستعاثوا (٢) فيه، وأجلبوا عليه، ودخلوا على الأمراء في أمره، ولم يُبقوا ممكنًا.

وكان بعضُ الناس يأتون إلى الشيخ فيقولون له: إنَّ الناسَ قد جمعوا لك جمعًا كثيرًا.

فيقول: حَسْبُنا الله ونعم الوكيل.

وأمر أن يُعْقَد له مجلسٌ (٣) بدار العدل. فعُقِد له مجلسٌ يوم الثلاثاء في العشر الأول من شوال من سنة سبعٍ وسبعمائة. وظهر في ذلك المجلس من علم الشيخ، وشجاعته وقوَّة قلبه، وصِدْق توكُّله، وبيان حُجَّته= ما يتجاوزُ الوَصْفَ. وكان وقتًا مشهودًا ومجلسًا عظيمًا.

وقال له كبيرٌ من المخالفين: من أين لك هذا؟

فقال له الشيخ: من أين لا تعلمه!

وذكر بعضُ من حضر ذلك المجلس: أنَّ الناسَ لما تفرَّقوا منه قام الشيخ


(١) باقي النسخ: «فكانت».
(٢) كذا في الأصل و (ب)، وفي (ف، ك، ح): «واستغاثوا»، و (ط): «واستغاثوا منه».
(٣) (ك): «وأمر من»، وكتب في الهامش أن (مجلس) لعلها: (مجلسًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>