للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقام الناسُ، ثم مشى السلطانُ، فنزل عن تلك المقعدة، ولا ندري (١) ما به، وإذا بالشيخ تقيّ الدين ابن تيميَّة ــ رحمه الله ــ مُقْبِل من الباب والسلطانُ قاصِدٌ إليه، فنزل السلطانُ عن الإيوان، والناسُ قيام (٢) والقضاةُ والأمراءُ والدولةُ، فتسالم هو والسلطان وتَكَارَشا (٣)، وذهبا إلى صُفَّةٍ في ذلك المكان فيها شُبَّاك إلى بستان، فجلسا فيها حينًا، ثم أقبلا ــ ويدُ الشيخ في يد السلطان ــ فقام الناس، وكان قد جاء في غَيْبة السلطان تلك الوزيرُ فخرُ الدين ابن الخليلي (٤)، فجلس عن يسار السلطان فوق ابن صَصْرى.

فلما جاء السلطانُ قَعَد على [مقعدته، وجاء الشيخُ تقيُّ الدين فجلسَ بين يدي السلطان على طرف] (٥) مقعدته متربِّعًا.

فشرعَ السلطانُ يُثْني على الشيخ عند الأمراء والقضاة بثناءٍ ما سمعتُه من


(١) (ب): «يدرى».
(٢) (ف، ك): «قاصد فنزل ... والناس والقضاة».
(٣) في بعض المصادر «تعانقا وتكارشا» والتعانق معروف، والتكارش أو المكارشة: أن يلتقي المسافر بالشخص المستقبل له، فيلصق كل منهما بطنه ببطن الآخر بحركات رشيقة. وهي عادة معروفة في العصر المملوكي، على ما يفهم من بعض المصادر. انظر «معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي» (ص ١٤٣) لدهمان، و «معجم المصطلحات التاريخية» (ص ٤٠٥) للخطيب، و «تكملة تاج العروس» (ص ٢٨٤) لوهيب دياب. وذكر دهمان في معجمه وفي تعليقه على «إعلام الورى» (ص ٤٠) لابن طولون: أنه شاهد اثنين من رجال الهند يلتقيان ويتكارشان، قال: وهذه العادة غير معروفة في بلادنا اليوم. اهـ. وانظر «الوافي بالوفيات»: (١٦/ ٢٩٢) للصفدي، و «عقد الجمان»: (١/ ٢٠٠) للعيني.
(٤) (ف، ك): «الخليل». وهو: عمر بن عبد العزيز بن الحسن الداري (ت ٧١١). انظر «أعيان العصر»: (٣/ ٦٣٥ - ٦٣٨).
(٥) (ف، ك): «جلس على ... ». وما بين المعكوفين سقط من الأصل، وهو انتقال نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>