للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنفوذ. ويصلُ إلى قلبه من وراء ذلك السِّتر ما يغمره من أنوار العظمة والجلال والبهاء والكمال، فيتنوَّر العلمُ الذي اكتَسَبَه العبد، ويبقى له كيفية أخرى زائدة على الكيفية المعهودة من [ق ١٠٧] البَهْجة (١) والأنوار، والقوّة في الإعلان والإسرار.

فلا ينبغي لنا أن نتشاغل عن نَيْل هذه الموهبة السَّنِيَّة بشواغل الدنيا وهمومها، فننقطع (٢) بذلك ــ كما تقدّم ــ بالشيءِ المفضول عن الأمر المهمِّ الفاضل. فإذا سلَكْنا في ذلك بُرْهةً من الزمان، ورَزَقَنا الله تعالى نفوذًا وتمكَّنا في ذلك النفوذ، فلا تعودُ هذه العوارض الجزئيات (٣) الكونيات تُؤَثِّر فينا إن شاء الله تعالى.

وليكن شأنُ أحدنا اليوم: التعديل بين المصالح الدنيوية والفضائل العلمية، والتوجُّهات القلبية، ولا يقنع أحدُنا بأحدِ هذه الثلاثة عن الآخَرَين، فيفوته المطلوب. ومتى اجتهد في التعديل فإنه إن شاء الله تعالى بقَدْر ما يحصِّل العبدُ جزءًا (٤) من أحدهم، حصَّل جزءًا من الآخر، ثم بالصبر على ذلك تجتمع الأجزاءُ المحصَّلة، فتصيرُ مرتبةً عاليةً عند النهاية إن شاء الله تعالى.

هذا وإن كنتم ــ أيّدكم الله تعالى ــ بذلك عالمين، لكنّ الذِّكْرى تنفعُ المؤمنين.


(١) الأصل: «المهجة». والمثبت من باقي النسخ.
(٢) (ف): «فنقطع». (ب): «فينقطع».
(٣) رسمها في الأصل: «الجُزوَّيات» بتسهيل الهمز، لكن الشدة على الواو خطأ من الناسخ.
(٤) (ك): «للعبد جزء».

<<  <  ج: ص:  >  >>