للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوقوع ذلك (١) وأمثاله من بعض معجزات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فإنَّه قال: «لتركَبُنَّ سَنَنَ من كان قبلكم حَذْو القُذَّةِ بالقُذَّة» (٢). وإن كان ذلك في اليهود والنصارى، لكن لَّما كانوا منحرفين عن نهج الصواب، فكذلك يكونُ في هذه الأمة من يحذو حذو كلِّ منحرفٍ وُجِد في العالم، متقدِّمًا كان أو متأخّرًا، حذو القُذَّة بالقُذَّة، حتَّى لو دخلوا جُحْرَ ضَبٍّ لدخلوه.

يا سبحان الله العظيم! أين عقولُ هؤلاء؟ أَعَمِيَت أبصارهم وبصائرهم؟ أفلا يرون ما الناس فيه من العَمَى والحيرة في الزمان المظلم المُدْلَهمِّ، الذي قد ملكت فيه الكفَّارُ مُعظم الدنيا؟ وقد بقيت هذه الخطة (٣) الضيّقة يشمّ فيها المؤمنون رائحةَ الإسلام؟ وفي هذه الخطة الضيِّقة من الظلمات من علماء السوء، والدُّعاة إلى الباطل وإقامته، ودَحْض الحقِّ وأهله، ما لا يُحْصَر في كتاب.

ثمَّ إنّ الله تعالى قد رَحِمَ هذه الأمة بإقامة رجلٍ قويِّ الهِمَّة، ضعيف التركيب، قد فرَّق نفسَه وهمَّه في مصالح العالم، وإصلاح فسادهم، والقيام بمهمَّاتهم وحوائجهم، ضِمْن ما هو قائم بصدَدِ البدع والضلالات، وتحصيل موادِّ (٤) العلم النبويّ الذي يُصلح به فسادَ العالم، ويردّهم إلى الدين الأول العتيق جُهدَ إمكانه؟ وإلاّ فأين حقيقة الدين العتيق؟


(١) بقية النسخ: «هذا».
(٢) أخرجه بنحوه البخاري (٣٤٥٦)، ومسلم (٢٦٦٩) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٣) (ب): «اللحظة» وكذا ما بعدها.
(٤) (ب): «مراد».

<<  <  ج: ص:  >  >>