للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك أنَّ صيغة قوله - صلى الله عليه وسلم - : «لا تُشَدُّ الرِّحالُ ... » (١) ذاتُ وجهين: نفي ونهي، لاحتمالها لهما، فإنْ لُحِظَ معنى النفي، فمعناه (٢) نفي فضيلة واستحباب شدِّ الرَّحل، وإعمال المَطيِّ إلى غير المساجد الثلاثة (٣). إذ لو فُرض وقوعهما لامتنع رفعهما. فتعيَّن توجُّه النفي إلى فضيلتهما واستحبابهما دون ذاتهما، وهذا عامٌّ في كلِّ ما يُعتقد أن إعمال المطي وشدّ الرِّحال إليه قُربة وفضيلة؛ من المساجد، وزيارة قبور الصالحين، وما جرى هذا المجرى، بل أعمّ من ذلك. وإثبات ذلك النفي (٤) لإعمال المطي إلى المساجد الثلاثة وما خرج من ذلك العموم (٥)، بدليل ضرورة إثبات ذلك المنفيّ المقدَّر في صدر الجملة لما بعد «إلاّ»، وإلاّ لما افترق الحكم بين ما قبلها وما بعدها، وهو مفترق. وحينئذٍ (٦) لا يلزم من نفي الفضيلة والاستحباب نفي الإباحة.

فهذا وجهُ متمسَّك من قال بإباحة هذا السفر، بالنظر إلى أنَّ هذه الصيغة نفي، وبنى على ذلك جواز القصر.

وإن كان النهي ملحوظًا، فالمعنى حينئذٍ نهيه عن إعمال [ق ١٢٣] المَطيّ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) (ك): «فمقتضاه»، وفي هامشها: «فمعناه»، كذا في الأصل على هامشه» اهـ أبوإسماعيل يوسف حسين.
(٣) (ف، ك): «شد الرحال». وعبارة: «المطي. . . الثلاثة» سقطت من (ف).
(٤) الأصل: «المنفي» والمثبت من (ب).
(٥) «المنفي. . . العموم» سقط من (ف، ك).
(٦) (ف، ك، ط): «حينئذ».

<<  <  ج: ص:  >  >>