للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشدّ الرِّحال إلى غير المساجد الثلاثة؛ إذ المقرَّر عند عامة الأصوليين أن النهي عن الشيء قاضٍ بتحريمه أو كراهته، على حسب مقتضى الأدلة. فهذا وجه متمسَّك من قال بعدم جواز القصر في هذا السفر؛ لكونه منهيًّا عنه (١).

وممَّن (٢) قال بحرمته: الشيخ الإمام أبومحمد الجُوَيني من الشافعية، والشيخ الإمام أبو الوفاء بن عقيل من الحنابلة، وهو الذي أشار القاضي عياض ــ من المالكية ــ إلى اختياره.

وما جاء من الأحاديث في استحباب زيارة القبور؛ فمحمول (٣) على ما لم يكن فيه شدُّ رَحْلٍ وإعمالُ مَطِيٍّ، جمعًا بينهما.

ويحتمل أن يقال: لا يصلح أن يكون غير حديث: «لا تُشَدُّ الرِّحال» معارضًا، لعدم مساواته إيّاه في الدَّرَجة؛ لكونه من أعلى أقسام الصحيح. والله تعالى أعلم.

وقد بلغ (٤) أنه زُري وضُيِّق على المجيب، وهذا أمر يَحارُ فيه اللبيب، ويتعجَّب منه الأريب، ويقعُ به في شكٍّ مريب! فإنَّ جوابه في هذه المسألة قاضٍ بذكر خلاف العلماء، وليس حاكمًا بالغضِّ من الصالحين والأنبياء. فإنَّ الأخذ بمقتضى كلامه ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ في الحديث المتفق


(١) «في هذا. . . عنه» سقط من (ب).
(٢) الأصل: «ومن».
(٣) (ف): «فمحمولة».
(٤) كذا في الأصول عدا (ف): «بلغني».

<<  <  ج: ص:  >  >>