للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكأنَّ أشراط القيامة قد دَنَتْ ... وانْحَلَّ مِنْ سَرْجِ الزَّمَان حِزامُ

فالعلم فينا ليس يُقْبَضُ سرعةً ... كلّا ولا يأتي حِماهُ حِمامُ

لكنْ بقبض الرَّاسخينَ ذَهابُه ... وزوالُه، وبَقَى رعاعُ طغامُ (١)

لله ما لا قَى تقيُّ الدين مِن ... مِحَنٍ تُتايعُه (٢)، وهُنَّ ضِخَامُ

ومكارهٌ حُفَّتْ بكلِّ شديدةٍ ... ومواقفٍ زلَّتْ بها الأقدامُ

ومكايدٌ نُصِبَت له، وحبائلٌ ... قصدًا إليه فزادها الإقدام (٣)

فحكى ابن حنبل في فنون بلائه ... بجنانِ ثَبْتٍ، ليس فيهِ ذام (٤)

وبسَجْنه وبِحَصْره ونَكَاله ... حتَّى رثى (٥) العُذَّالُ واللُّوَّامُ

[ق ١٥٣] فأراد ربُّ العرش جلَّ جلالُه ... للقائه مُذْ حانهُ (٦) الإعدامُ

وأتاه آتي الموتِ، يخطُبُ نفسَه ... فأجابَه طوعًا له القمقامُ (٧)

فخلَتْ منابرُه وأوحش رَبْعُهُ ... وتقوّضتْ عند الرحيل خيامُ

وتفجَّعتْ كُلُّ القلوبِ بفَقْدِه ... وغدا عليها ذِلَّةٌ وسَقامُ

ومَضَتْ جنازتُه الشريفةُ بعدما ... سَدَّ المسالكَ صارِخٌ وزِحامُ


(١) (ف): «وطغام».
(٢) الأصل: «تُتايُعه»، و (ف): «متتابعة»، والتتايع والتتابع واحد.
(٣) الأصل: «إليه فزادها».
(٤) (ف، ك): «ذؤام».
(٥) (ف): «رأى».
(٦) الأصل و (ف): «خانه».
(٧) القمقام: السيّد المعظّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>