للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نرى الموتَ مألوفَ الطِّباع وربَّما ... يُعَلَّل بالمألوف مَنْ لا يَوَدُّه

فآهٍ على تفريق شملٍ مُجمَّعٍ ... وحَرِّ فؤادٍ بان مُذ بان بَرْدُهُ

ألا إنَّها نفسٌ وللنَّفسِ حَسْرةٌ ... وقلبٌ وقد يشجَى ويُضنِيه وجدُهُ (١)

ولستُ بناسٍ عَهْد خِلٍّ تغيّبتْ ... محاسِنُه (٢)، والخِلُّ يُحْفظُ عهدُهُ

وما عُذْرُ جفنٍ (٣) لا يجيشُ بدمعه ... غداةَ نأى عنهُ الصَّديقُ ورِفْدُهُ

يرومُ الأماني والمنايا تصُدُّه ... وما حيلةُ الرَّاجي إذا خاب (٤) قصدُهُ

عليك أبا العبَّاس فاضتْ مَدامعي ... وقلبي لبُعْدِي عنك أُجِّجَ وَقْدُه

على مِثْلك الآن المراثي مُباحةٌ ... وإن غاضَ دَمْعي فالدِّماءُ تمدُّه

شدَدْتَ عُرى الإسلام شدَّةَ عارفٍ ... قويٍّ على الأعداءِ لم يألُ جُهْدُهُ

تركتَ لهم دُنياهُمُ تَرْك عالمٍ ... علا قدرُه عِنْد الإله ومجدُهُ

وكنتَ لمجموعِ الطوائف مُقْتَدًى ... وعَقْدًا لهذا الدينِ أُبْرِمَ عَقْدُهُ

وكنتَ ربيعًا للمريد وعِصْمةً ... فمُذ صِرْت تحتَ الأرض صوَّح وردُهُ

[ق ١٥٦] جمعتَ علومَ الأولين مع التُّقَى ... إلى الورع الشَّافي (٥) الذي شاع حمدُهُ


(١) (ك، ط): «وللنّفس حرة»، (ف): «ويضليه وحده».
(٢) سقطت من (ف).
(٣) (ف، ك، ط): «دمع».
(٤) (ك، ط): «حار».
(٥) (ف، ك): «الثاني». يرى د. الإصلاحي أنها ربما تكون محرفة من «الصافي». وهذا التركيب مأخوذ من قول الإمام أحمد في حكايته مع أخت بشر الحافي: «من بينكم يخرج الورع الصافي».

<<  <  ج: ص:  >  >>