للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا سيَّد العصر كم خلَّفت من كبدٍ ... حرَّى عليك، وعينٍ دمعها هَطِلُ

ليبكينَّ عليك العلمُ مِن أسفٍ ... ليبكينّ عليك الفقهُ والجَدَل

ليبكينَّك أقوامٌ إذا وفدوا ... من البلاد بعلم أمره شَكِل

لتبكينّك دارٌ كنت تسكنها ... وتشتكي فقدَك الأسحارُ والأُصُل

فازوا بعلمك أقوام، وقد سُعِدوا ... إذ عن جناب حماك الرّحْب ما عدلوا

وشاع ذكرُك في الدنيا بأجمعها ... فأنت في الناس مضروبٌ بك المثل

دانت لعلمك أهلُ الأرض قاطبةً ... فأنت مفتي الورى في كلِّ ما جهلوا

شبَّهت علمك بالبحر المحيط كما الـ ... ـبحر المحيط بكلِّ الأرض مشتمل

وإن تكن في مجال الدرس كنت به ... ليثًا تصول، ومن ألفاظك الأسَل

تروي الخلاف وتأتي بالأصول وعن ... أهل الحديث بما قالوا وما نقلوا

وذكر (١) علمك في الآفاق منتشر ... على ممرّ الليالي، ليس ينفصل

كم قد أتتك فتاوى لا عِداد لها ... أجبتَ أربابَها عن كلّ ما سألوا

وكم أجبت النصارى عن مسائلهم ... بمُخْرِقات (٢) علوم عنك تنتقل

وكم قمعت ـ فدتك النفسُ ـ من بدع ... وكنت فيها بأمر الله تستطل

وكم تواضعت عن علمٍ ومعرفة ... تقًى، وقدرك بالجوزاء منتعل (٣)

لقد رويت من الآثار أوضحها ... كما روَتْها الثقاتُ السادة الأُوَل

من ذا يضاهيك فيما قد خُصِصْت به ... وبحر علمك منه العارض الهَطِل


(١) (ف، د): «فذكر».
(٢) «مُخرِقات» من «أخرق» أي: مُدْهشات.
(٣) (ف، د): «متصل».

<<  <  ج: ص:  >  >>