للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإعطائه كلَّ قولٍ ما يستحقّه من الترجيح والتضعيف والإبطال، وخوضه في كلِّ علم. كان الحاضرون يقضون منه العجب، هذا مع انقطاعه إلى الزّهد والعبادة والاشتغال بالله تعالى، والتجرّد من أسباب الدنيا، ودعاء الخلق إلى الله تعالى.

وكان يجلس في صبيحة كلِّ جمعة على الناس يُفَسِّر القرآن العظيم، فانتفع بمجلسه، وبركة دعائه، وطهارة أنفاسه، وصدق نيته، وصفاء ظاهره وباطنه، وموافقة قوله لعمله، وأنابَ إلى الله خلقٌ كثير. وجرى على طريقة (١) واحدة من اختيار الفقر والتقلُّل (٢) من الدنيا، وردّ ما يُفْتَح به عليه.

وقال في موضع آخر: كان قد نظم شيئًا يسيرًا في صغره وكتبت عنه إذ ذاك، ثم إنه ترك ذلك وأعرض عنه.

وسُئل عن مسألةِ القَدَر بنظمٍ، فأجاب فيها بنظم (٣)،

وقد قُرئ عليه وسُمِع منه.

وحلّ لُغز الرّشيد الفارقيّ بأبيات تشتمل على نحو مائة بيت على وزن اللغز، وذلك في حياة والده رحمه الله تعالى، وله نحو العشرين من العمر،


(١) (ف، ك): «طريق».
(٢) (ف): «والتقليل».
(٣) يعني الأبيات التي نُظِمت على لسان ذمّي في إنكار القدر، ومطلعها:
أيا علماء الدين ذِمّي دينكم ... تحيَّر دلّوه بأعظم حجة

وهي في «مجموع الفتاوى»: (٨/ ٢٤٥ ــ ٢٥٥). وقد سأل شيخَ الإسلام عيسى بن إبراهيم الماردي الشاعر سؤالًا منظومًا في القدر في عدة أبيات، فأجاب عنه الشيخ نثرًا. انظر «مجموع الفتاوى»: (٨/ ٤٤٨ ــ ٥١٦)، و «الدرر الكامنة»: (٣/ ٢٠٠ ــ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>