للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَاءُ الْجَارِي إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يُرَ لَهَا أَثَرٌ جَازَ الْوُضُوءُ مِنْهُ، وَالْأَثَرُ طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ.

وَمَا كَانَ مَائِيَّ الْمَوْلِدِ مِنَ الْحَيَوَانِ مَوْتُهُ فِي الْمَاءِ لَا يُفسِدُهُ (ف) وَكَذَا مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ كَالذُّبَابِ وَالْبَعُوضِ وَالْبَقِّ، وَمَا عَدَاهُمَا يُفْسِدُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ. وَالْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ لَا يُطَهِّرُ الْأَحْدَاثَ، وَهُوَ مَا أُزِيلَ (م) بِهِ حَدَثٌ، أَوِ اسْتُعْمِلَ فِي الْبَدَنِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ وَيَصِيرُ مُسْتَعْمَلَا

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

مَوْضِعِ الْوُقُوعِ لِلتَّيَقُّنِ بِالنَّجَاسَةِ بِرُؤْيَةِ عَيْنِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ، فَلَوْ تَوَضَّأَ مِنْهُ جَازَ لِعَدَمِ التَّيَقُّنِ بِالنَّجَاسَةِ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهَا فِي الْحَالِ.

قَالَ: (وَالْمَاءُ الْجَارِي إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يُرَ لَهَا أَثَرٌ جَازَ الْوُضُوءُ مِنْهُ) مِنْ أَيْ مَوْضِعٍ شَاءَ.

(وَالْأَثَرُ طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ) لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى مَعَ الْجَرَيَانِ، وَالْجَارِي: مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ جَارِيًا هُوَ الْأَصَحُّ، وَلَوْ وَقَعَتْ جِيفَةٌ فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ لَا يُتَوَضَّأُ مِنْ أَسْفَلِ الْجَانِبِ الَّذِي فِيهِ الْجِيفَةُ وَيُتَوَضَّأُ مِنْ أَسْفَلِ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ صَغِيرًا إِنْ كَانَ يَجْرِي أَكْثَرُ الْمَاءِ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلُّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ نِصْفُهُ يَجُوزُ، وَالْأَحْوَطُ التَّرْكُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي مَاءِ الْمَطَرِ إِذَا مَرَّ بِالنَّجَاسَةِ وَلَا يُوجَدُ أَثَرُهَا يَتَوَضَّأُ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ كَالْجَارِي.

قَالَ: (وَمَا كَانَ مَائِيَّ الْمَوْلِدِ مِنَ الْحَيَوَانِ مَوْتُهُ فِي الْمَاءِ لَا يُفْسِدُهُ) كَالسَّمَكِ وَالضِّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ، فَاسْتَفَدْنَا بِهِ عَدَمَ تَنَجُّسِهِ بِالْمَوْتِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ نَجِسًا لَا يَنْجَسُ مَا يُجَاوِرُهُ، وَلِأَنَّهُ لَا دَمَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ الْمُنَجِّسُ، إِذِ الدَّمَوِيُّ لَا يَتَوَالَدُ فِي الْمَاءِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ خَارِجَ الْمَاءِ ثُمَّ وَقَعَ فِيهِ لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ الْمَاءِ كَالْخَلِّ وَاللَّبَنِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُهُ، وَسَوَاءٌ فِيهِ الْمُنْتَفِخُ وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الضِّفْدَعِ الْبَرِّيِّ وَالْمَائِيِّ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ لِلْبَرِّيِّ دَمٌ سَائِلٌ أَفْسَدَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

قَالَ: (وَكَذَا مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ كَالذُّبَابِ وَالْبَعُوضِ وَالْبَقِّ) إِذَا مَاتَ فِي الْمَائِعِ لَا يُفْسِدُهُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي طَعَامِ أَحَدِكُمْ فَامْقُلُوهُ ثُمَّ انْقُلُوهُ» الْحَدِيثَ، وَأَنَّهُ يَمُوتُ بِالْمَقْلِ فِي الطَّعَامِ سِيَّمَا الْحَارُّ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ مَوْتُهُ يُنَجِّسُ الطَّعَامَ لَمَا أُمِرَ بِهِ. قَالَ: (وَمَا عَدَاهُمَا يُفْسِدُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ) لِأَنَّهُ دَمَوِيٌّ يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ فَيَنْجَسُ مَا يُجَاوِرُهُ كَالْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ يُنَجِّسُهُ ; لِأَنَّهُ تَنَجَّسَ بِالْمَوْتِ. وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ الْغُسْلِ فَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ كَافِرًا، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَا يُنَجِّسُهُ، لِأَنَّهُ لَمَّا حُكِمَ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْكَافِرُ فَافْتَرَقَا.

قَالَ: (وَالْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ لَا يُطَهِّرُ الْأَحْدَاثَ، وَهُوَ مَا أُزِيلَ بِهِ حَدَثٌ، أَوِ اسْتُعْمِلَ فِي الْبَدَنِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ) كَالْوُضُوءِ عَلَى الْوُضُوءِ بِنِيَّةِ الْعِبَادَةِ.

(وَيَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>