للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَتَعَيَّنُ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ لِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَيُكْرَهُ تَعْيِينُهُ.

فَصْلٌ الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَأَوْلَى النَّاسِ بِالْإِمَامَةِ أَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، ثُمَّ أَقْرَؤُهُمْ، ثُمَّ أَوْرَعُهُمْ، ثُمَّ أَسَنُّهُمْ، ثُمَّ أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، ثُمَّ أَحْسَنُهُمْ وَجْهًا، وَلَا يُطَوِّلُ بِهِمُ الصَّلَاةَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قَالَ: (وَلَا يَتَعَيَّنُ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ لِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ) لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ.

(وَيُكْرَهُ تَعْيِينُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ هُجْرَانِ الْبَاقِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَيْسَرَ عَلَيْهِ، أَوْ تَبَرُّكًا بِقِرَاءَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ الْكُلَّ سَوَاءٌ، وَيُطَوِّلُ الْأُولَى مِنَ الْفَجْرِ عَلَى الثَّانِيَةِ إِعَانَةً لِلنَّاسِ عَلَى الْجَمَاعَاتِ، وَيُكْرَهُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، كَذَا نُقِلَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قُلْنَا: الرَّكْعَتَانِ اسْتَوَتَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْقِرَاءَةِ فَلَا وَجْهَ إِلَى التَّفْضِيلِ بِخِلَافِ الصُّبْحِ فَإِنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ، وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّطْوِيلِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ، وَلَا اعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِمَا دُونَ ثَلَاثِ آيَاتٍ لِعَدَمِ إِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ.

[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

فَصْلٌ (الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْجَمَاعَةُ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى» ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقُ إِلَى قَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجَمَاعَةِ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ» ، وَهَذَا أَمَارَةُ التَّأْكِيدِ، وَقَدْ وَاظَبَ عَلَيْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَسْعُ تَرْكُهَا إِلَّا لِعُذْرٍ، وَلَوْ تَرَكَهَا أَهْلُ مِصْرٍ يُؤْمَرُونَ بِهَا، فَإِنْ قَبِلُوا وَإِلَّا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ.

قَالَ: (وَأَوْلَى النَّاسِ بِالْإِمَامَةِ أَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ) إِذَا كَانَ يُحْسِنُ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَيَجْتَنِبُ الْفَوَاحِشَ الظَّاهِرَةَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَقْرَؤُهُمْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» ، قُلْنَا: الْحَاجَةُ إِلَى الْعِلْمِ أَكْثَرُ فَكَانَ أَوْلَى وَفِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَتَلَقَّوْنَ الْقُرْآنَ بِأَحْكَامِهِ فَكَانَ أَقْرَؤُهُمْ أَعْلَمَهُمْ.

(ثُمَّ أَقْرَؤُهُمْ) لِلْحَدِيثِ.

(ثُمَّ أَوْرَعُهُمْ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ صَلَّى خَلْفَ عَالِمٍ تَقِيٍّ فَكَأَنَّمَا صَلَّى خَلْفَ نَبِيٍّ» .

(ثُمَّ أَسَنُّهُمْ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَإِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا وَلِيَؤُمُّكُمَا أَكْبَرُكُمَا سِنًّا» .

(ثُمَّ أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، ثُمَّ أَحْسَنُهُمْ وَجْهًا) . وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ كَانَ وَصْفُهُ يُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَمَاعَةِ كَانَ تَقْدِيمُهُ أَوْلَى ; لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ كُلَّمَا كَثُرَتْ كَانَ أَفْضَلَ حَتَّى قَالْوا يُكْرَهُ لِمَنْ يُكْثِرُ التَّنَحْنُحَ فِي الْقِرَاءَةِ أَنْ يَؤُمَّ، وَكَذَلِكَ مَنْ يَقِفُ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِ الْوَقْفِ، وَلَا يَقِفُ فِي مَوَاضِعِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الْجَمَاعَةِ.

قَالَ: (وَلَا يُطَوِّلُ بِهِمُ الصَّلَاةَ) عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إِلَى التَّنْفِيرِ، بَلْ يُخَفِّفُ تَخْفِيفًا عَنْ تَمَامٍ لِحَدِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>