وَمَنْ مَلَكَ امْرَأَتَهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهَا أَوْ مَلَكَتْهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا.
وَصَرِيحُ الطَّلَاقِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ وَطَلَّقْتُكِ. وَالثَّانِي أَنْتِ الطَّلَاقُ، وَأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ، وَأَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا، فَالْأَوَّلُ تَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَلَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ. وَالثَّانِي تَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَتَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ دُونَ الثِّنْتَيْنِ (ز) وَلَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَبِقَوْلِهِ طَلَاقًا أُخْرَى وَقَعَتَا،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَالَ: (وَمَنْ مَلَكَ امْرَأَتَهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهَا، أَوْ مَلَكَتْهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ تَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ لِمَا سَبَقَ فِي النِّكَاحِ فَتَمْنَعُهُ بَقَاءً كَالْمَحْرَمِيَّةِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ.
[فصل صَرِيحُ الطَّلَاقِ]
فَصْلٌ (وَصَرِيحُ الطَّلَاقِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ) لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ شَرْعًا فَكَانَ حَقِيقَةً، وَالْحَقِيقَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، وَيُعْقِبُ الرَّجْعَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] وَلَوْ نَوَى الْإِبَانَةَ فَهُوَ رَجْعِيٌّ لِأَنَّهُ نَوَى ضِدَّ مَا وُضِعَ لَهُ شَرْعًا.
(وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ وَطَلَّقْتُكِ. وَالثَّانِي أَنْتِ الطَّلَاقُ، وَأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ، وَأَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا. فَالْأَوَّلُ تَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَلَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ) لِأَنَّهُ نَعْتُ فَرْدٍ. يُقَالُ لِلْوَاحِدَةِ طَالِقٌ وَلِلثِّنْتَيْنِ طَالِقَانِ وَلِلثَّلَاثِ طَوَالِقٌ، وَنَعْتُ الْفَرْدِ لَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ، وَلَئِنْ قَالَ قَائِلٌ: ذِكْرُ الطَّالِقِ ذِكْرٌ لِلطَّلَاقِ حَتَّى صَحَّ ذِكْرُ الْعَدَدِ تَفْسِيرًا لَهُ، وَأَنَّهُ دَلِيلُ الْمَصْدَرِيَّةِ، وَالْمَصْدَرُ يَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ. قُلْنَا هُوَ ذِكْرٌ لِطَلَاقٍ تَتَّصِفُ بِهِ الْمَرْأَةُ، وَالْعَدَدُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ طَلَاقًا ثَلَاثًا كَقَوْلِهِمْ: ضَرَبْتُهُ وَجِيعًا وَأَعْطَيْتُهُ جَزِيلًا.
(و) النَّوْعُ (الثَّانِي تَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَتَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ دُونَ الثِّنْتَيْنِ) لِأَنَّهُ ذِكْرُ الْمَصْدَرِ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ، وَيَحْتَمِلُ الْأَدْنَى، فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ، وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ وَقَعْنَ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا لَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ لِأَنَّهَا جِنْسُ الطَّلَاقِ لَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِيَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ أَمَةً صَحَّتْ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِيَّةِ. وَقَالَ زُفَرُ: تَصِحُّ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ لِأَنَّهَا بَعْضُ الثَّلَاثِ. وَجَوَابُهُ مَا قُلْنَا.
(وَلَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَاحِدَةً، وَبِقَوْلِهِ: طَلَاقًا أُخْرَى وَقَعَتَا) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ اللَّفْظَيْنِ يَحْتَمِلُ الْإِيقَاعَ، فَصَارَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَلَاقًا فَإِنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ كَذَا هَاهُنَا، وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ: عَنَيْتُ بِهِ عَنْ وِثَاقٍ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَلَوْ قَالَ عَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute