للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَدُّ الزَّانِي إِنْ كَانَ مُحْصَنًا الرَّجْمُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ، يُخْرَجُ إِلَى أَرْضٍ فَضَاءٍ، فَإِنْ كَانَ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ يَبْتَدِئُ الشُّهُودُ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ، فَإِذَا امْتَنَعَ الشُّهُودُ أَوْ بَعْضُهُمْ لَا يُرْجَمُ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَعَلَى سُقُوطِ الْحَدِّ بِالرُّجُوعِ وَإِلَّا لَمَا أَفَادَ التَّلْقِينُ.

وَإِذَا أَقَرَّ الْخَصِيُّ بِالزِّنَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْإِيلَاجِ لِسَلَامَةِ آلَتِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمَجْبُوبُ لَا يُحَدُّ لِكَذِبِهِ قَطْعًا، وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِمَا، وَلَا يُحَدُّ الْأَخْرَسُ بِالْإِقْرَارِ إِشَارَةً لِلشُّبْهَةِ، وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ غَائِبَةٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُحَدَّ حَتَّى تَحْضُرَ لِجَوَازِ أَنَّهَا تَدَّعِي شُبْهَةً لِسُقُوطِ الْحَدِّ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مَاعِزًا أَقَرَّ بِالزِّنَا بِامْرَأَةٍ غَائِبَةٍ فَرَجَمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ إِحْضَارِهَا. الْمَقْضِيُّ بِرَجْمِهِ إِذَا قَتَلَهُ إِنْسَانٌ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَتَلَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَصِيرُ مُبَاحَ الدَّمِ بِالْقَضَاءِ.

[فصل حَدُّ الزِّنَا]

فَصْلٌ (وَحَدُّ الزَّانِي إِنْ كَانَ مُحْصَنًا الرَّجْمُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ) لِحَدِيثِ مَاعِزٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَهُ وَكَانَ مُحْصَنًا. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِثَلَاثٍ " وَذَكَرَ مِنْهَا " أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ» وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ الْغَامِدِيَّةَ.

وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الرَّجْمِ " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ " وَهَذَا مِمَّا قَالُوا إِنَّهُ قُرْآنٌ نُسِخَ لَفْظُهُ وَبَقِيَ مَعْنَاهُ، وَعَلَى ذَلِكَ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ.

قَالَ: (يُخْرَجُ إِلَى أَرْضٍ فَضَاءٍ) كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَاعِزٍ أَمَرَ بِرَجْمِهِ وَلَمْ يَحْفِرْ لَهُ.

قَالَ: (فَإِنْ كَانَ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ يَبْتَدِئُ الشُّهُودُ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ بَدَأَ بِرَجْمِ الْهَمْدَانَيَّةِ لَمَّا أَقَرَّتْ عِنْدَهُ بِالزِّنَا وَقَالَ: الرَّجْمُ رَجْمَانِ: رَجْمُ سِرٍّ، وَرَجْمُ عَلَانِيَةٍ، فَالْعَلَانِيَةُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمَرْأَةِ مَا فِي بَطْنِهَا، وَالسِّرُّ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ فَتَرْجُمُ الشُّهُودُ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ، وَلِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالشُّهُودِ ضَرْبُ احْتِيَالٍ لِلدَّرْءِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يَتَجَاسَرُ عَلَى الْأَدَاءِ وَتَتَعَاظَمُ الْمُبَاشِرَةُ حُرْمَةً لِلنَّفْسِ فَيَرْجِعُ عَنِ الشَّهَادَةِ.

قَالَ: (فَإِذَا امْتَنَعَ الشُّهُودُ أَوْ بَعْضُهُمْ لَا يُرْجَمُ) لِأَنَّهُ دَلِيلُ رُجُوعِهِمْ، وَكَذَا إِذَا غَابُوا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ، وَكَذَا إِذَا مَاتُوا أَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ، وَكَذَا إِذَا جُنُّوا أَوْ فَسَقَوْا أَوْ قَذَفُوا فَحُدُّوا أَوْ حُدَّ أَحَدُهُمْ أَوْ عَمِيَ أَوْ خَرِسَ أَوِ ارْتَدَّ، لِأَنَّ الطَّارِئَ عَلَى الْحَدِّ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ كَالْمَوْجُودِ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي رُجُوعِ الْمُقِرِّ فَصَارَ كَأَنَّهُمْ شَهِدُوا وَهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يُحَدُّ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إِذَا غَابَ الشُّهُودُ رُجِمَ وَلَمْ يُنْتَظَرُوا، وَكَذَا إِذَا امْتَنَعُوا أَوِ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ حَدٌّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مُبَاشَرَةُ الشُّهُودِ كَالْجَلْدِ. قُلْنَا الْجَلْدُ لَا يُحْسِنُهُ كُلُّ أَحَدٍ فَرُبَّمَا وَقَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>