وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَشُقَّ مِنْهُ نَهْرًا، أَوْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ رَحًى، أَوْ يَتَّخِذَ عَلَيْهِ جِسْرًا، أَوْ يُوَسِّعَ فَمَهُ. أَوْ يَسُوقَ شِرْبَهُ إِلَى أَرْضٍ لَيْسَ لَهَا شِرْبٌ - إِلَّا بِتَرَاضِيهِمْ.
وَلَوْ كَانَتِ الْقِسْمَةُ بِالْكُوَى فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقْسِمَ بِالْأَيَّامِ، وَلَا مُنَاصَفَةً، وَلَا يَزِيدُ كَوَّةً، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْبَاقِينَ.
كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ
وَهِيَ عَقْدٌ عَلَى الزَّرْعِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، وَهِيَ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
لَمْ يَسْكُرْ بِاللَّوْحِ فَبِالتُّرَابِ.
قَالَ: (وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَشُقَّ مِنْهُ نَهْرًا، أَوْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ رَحًى، أَوْ يَتَّخِذَ عَلَيْهِ جِسْرًا أَوْ يُوَسِّعَ فَمَهُ، أَوْ يَسُوقَ شِرْبَهُ إِلَى أَرْضٍ لَيْسَ لَهَا شِرْبٌ إِلَّا بِتَرَاضِيهِمْ) . أَمَّا شَقُّ النَّهْرِ وَنَصْبُ الرَّحَى فَلِأَنَّ فِيهِ كَسْرَ ضَفَّةِ النَّهْرِ وَشَغْلَ مِلْكِ الْغَيْرِ بِبُنْيَانِهِ، إِلَّا أَنْ لَا تَضُرَّ الرَّحَى بِالنَّهْرِ وَلَا بِالْمَاءِ. وَيَكُونَ مَكَانُهَا لَهُ خَاصٌّ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالْغَيْرِ.
وَأَمَّا اتِّخَاذُ الْجِسْرِ فَهُوَ كَطَرِيقٍ خَاصٍّ بَيْنَ قَوْمٍ، وَالْقَنْطَرَةُ كَالْجِسْرِ. وَأَمَّا تَوْسِعَةُ فَمِهِ؛ لِأَنَّهُ يَكْسِرُ ضَفَّةَ النَّهْرِ، وَيَزِيدُ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِ. وَأَمَّا سَوْقُ شِرْبِهِ إِلَى أَرْضٍ أُخْرَى فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا تَقَادَمَ الْعَهْدُ، فَيَدَّعِيهِ، وَيَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَهُ، فَإِذَا رَضُوا بِذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ.
قَالَ: (وَلَوْ كَانَتِ الْقِسْمَةُ بِالْكُوَى فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقْسِمَ بِالْأَيَّامِ، وَلَا مُنَاصَفَةً) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ظَهَرَ بِذَلِكَ، فَيُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ، إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا.
قَالَ: (وَلَا يَزِيدُ كُوَّةً وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْبَاقِينَ) ؛ لِمَا بَيَّنَّا، بِخِلَافِ النَّهْرِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَشُقَّ فِيهِ نَهْرًا مُبْتَدَأً، فَزِيَادَةُ الْكُوَّةِ أَوْلَى.
[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]
(وَهِيَ) مُفَاعَلَةٌ مِنَ الزِّرَاعَةِ، وَهِيَ الْحَرْثُ وَالْفِلَاحَةُ. وَتُسَمَّى مُخَابَرَةً، مُشْتَقَّةٌ مِنْ خَيْبَرَ «فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ خَيْبَرَ مُزَارَعَةً» ، فَسُمِّيَتِ الْمُزَارَعَةُ مُخَابَرَةً؛ لِذَلِكَ. أَوْ مِنَ الْخَيْبَرِ وَهُوَ الْإِكَّارُ، أَوْ مِنَ الْخُبْرَةِ بِالضَّمِّ: النَّصِيبُ، أَوْ مِنَ الْخَبَارِ: الْأَرْضُ اللَّيِّنَةُ.
وَتُسَمَّى الْمُحَاقَلَةَ، مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ الزَّرْعُ إِذَا تَشَعَّبَ قَبْلَ أَنْ يَغْلُظَ سُوقُهُ، وَقِيلَ: الْحَقْلُ: الْأَرْضُ الطَّيِّبَةُ الْخَالِصَةُ مِنْ شَائِبَةِ السَّبْخِ، الصَّالِحَةُ لِلزِّرَاعَةِ، وَتُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْقِرَاحُ.
وَفِي الشَّرْعِ (عَقْدٌ عَلَى الزَّرْعِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، وَهِيَ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى نِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ» ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إِلَيْهَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ، وَلَا يَجِدُ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ. وَالْقَادِرُ عَلَى الْعَمَلِ