للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ مَضْغُ الْعِلْكِ وَالذَّوْقُ وَالْقُبْلَةُ إِنْ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهِ.

فَصْلٌ وَمَنْ خَافَ الْمَرَضَ أَوْ زِيَادَتَهُ أَفْطَرَ، وَالْمُسَافِرُ صَوْمُهُ أَفْضَلُ، وَلَوْ أَفْطَرَ جَازَ، فَإِنْ مَاتَا عَلَى حَالِهِمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الِامْتِنَاعُ عَنْهُ إِذَا كَانَ قَلِيلًا فَإِنَّهُ تَبَعٌ لِرِيقِهِ، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ وَهُوَ قَدْرُ الْحِمِّصَةِ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى مِثْلُ ذَلِكَ عَادَةً فَلَا تَعُّمُ بِهِ الْبَلْوَى فَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ.

قَالَ: (وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ مَضْغُ الْعِلْكِ وَالذَّوْقُ وَالْقُبْلَةُ إِنْ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهِ) أَمَّا مَضْغُ الْعِلْكِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ صَوْمِهِ لِلْفَسَادِ، وَهَذَا فِي الْعِلْكِ الْمُلْتَصِقِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، أَمَّا إِذَا كَانَ غَيْرَ مُلْتَئِمٍ فَإِنَّهُ يُفْطِرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْتَئِمُ إِلَّا بِانْفِصَالِ أَجْزَاءٍ تَنْقَطِعُ مِنْهُ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ. وَأَمَّا الذَّوْقُ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى جَوْفِهِ. وَأَمَّا الْقُبْلَةُ لِمَا رُوِيَ: «أَنْ شَابًّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ فَمَنَعَهُ، وَسَأَلَهُ شَيْخٌ فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ الشَّابُّ: إِنَّ دِينِي وَدِينَهُ وَاحِدٌ، قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنَّ الشَّيْخَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ» ، وَلِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهِ رُبَّمَا وَقَعَ فِي الْجِمَاعِ؛ فَيَفْسُدُ صَوْمُهُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَالْمُبَاشَرَةُ كَالْقُبْلَةِ، وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ مَضْغُ الطَّعَامِ لِصَبِيِّهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ الصَّوْمِ لِلْفَسَادِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهَا الْإِفْطَارُ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ، فَلَأَنْ يَجُوزَ لَهَا الْمَضْغُ كَانَ أَوْلَى.

[فَصْلٌ مَا يُبَاحُ بِهِ الْإِفْطَارُ]

فَصْلٌ (وَمَنْ خَافَ الْمَرَضَ أَوْ زِيَادَتَهُ أَفْطَرَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] مَعْنَاهُ: فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ لَا يُوجِبَانِ الْقَضَاءَ.

(وَالْمُسَافِرُ صَوْمُهُ أَفْضَلُ) لِأَنَّهُ عَزِيمَةٌ وَالْأَخْذُ بِالْعَزِيمَةِ أَفْضَلُ. وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْمُسَافِرُ إِذَا أَفْطَرَ رُخْصَةٌ، وَإِنْ صَامَ فَهُوَ أَفْضَلُ» .

(وَلَوْ أَفْطَرَ جَازَ) لِمَا تَلَوْنَا. وَلَوْ أَنْشَأَ السَّفَرَ فِي رَمَضَانَ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ سَافَرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا يُفْطِرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ صَوْمُهُ إِذْ هُوَ مُقِيمٌ فَلَا يُبْطِلُهُ بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا مَرِضَ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ جَاءَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْحَقِّ.

قَالَ: (فَإِنْ مَاتَا عَلَى حَالِهِمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّهُ - تَعَالَى - أَوْجَبَ عَلَيْهِمَا صِيَامَ عِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَلَمْ يُدْرِكَاهَا، وَلِأَنَّ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ لَمَّا كَانَا عُذْرًا فِي إِسْقَاطِ الْأَدَاءِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ، فَلَأَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ عُذْرًا فِي إِسْقَاطِ الْقَضَاءِ أَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>