وَالْعَبْدُ مَعَ سَيِّدَتِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَالْفَحْلُ وَالْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ سَوَاءٌ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ فَمَ الرَّجُلِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ يُعَانِقَهُ وَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ، وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ يَدِ الْعَالِمِ وَالسُّلْطَانِ الْعَادِلِ.
وَيَحِلُّ لِلنِّسَاءَ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَلَا يَحِلُّ لِلرِّجَالِ إِلَّا مِقْدَارُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ كَالْعَلَمِ
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ اسْتَأْجَرَ عَجُوزًا تُمَرِّضُهُ فَكَانَتْ تَغْمِزُهُ وَتَفْلِي رَأْسَهُ.
وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى لَا بَأْسَ بِمَسِّهَا وَالنَّظَرِ إِلَيْهَا لِعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ.
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا، وَإِنْ خَافَ أَنْ يَشْتَهِيَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْمُغِيرَةِ وَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً «انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» .
قَالَ: (وَالْعَبْدُ مَعَ سَيِّدَتِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ) لِأَنَّ خَوْفَ الْفِتْنَةِ مِنْهُ مِثْلُهَا مِنَ الْأَجْنَبِيِّ، وَبَلْ أَكْثَرُ لِكَثْرَةِ الِاجْتِمَاعِ، وَالنُّصُوصُ الْمُحَرِّمَةُ مُطْلَقَةٌ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١] الْإِمَاءُ دُونَ الْعَبِيدِ قَالَهُ الْحَسَنُ وَابْنُ جُبَيْرٍ.
قَالَ: (وَالْفَحْلُ وَالْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ سَوَاءٌ) لِأَنَّ الْآيَةَ تَعُمُّ الْكُلَّ، وَالطِّفْلُ الصَّغِيرُ مُسْتَثْنًى بِالنَّصِّ، وَلِأَنَّ الْخَصِيَّ يُجَامِعُ وَالْمَجْبُوبُ يُسَاحِقُ فَلَا تُؤْمَنُ الْفِتْنَةُ كَالْفَحْلِ.
قَالَ: (وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ فَمَ الرَّجُلِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ يُعَانِقَهُ) ؛ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَعَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا قَصَدَ بِهِ الْإِكْرَامَ وَالْمَبَرَّةَ وَلَمْ يَخَفِ الشَّهْوَةَ، لِمَا رُوِيَ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَانَقَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ حِينَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَكَانَ يَوْمَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَقَالَ: لَا أَدْرِي بِأَيِّ الْأَمْرَيْنِ أُسَرُّ؟ بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَمْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ» ؛ وَجْهُ الظَّاهِرِ نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمُكَاغَمَةِ وَالْمُكَامَعَةِ، وَالْأَوَّلُ التَّقْبِيلُ وَالثَّانِي الْمُعَانَقَةُ، وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ قَبْلَ النَّهْيِ.
قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ) فَإِنَّهَا سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ مُتَوَارَثَةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ لَدُنِ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا.
قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ يَدِ الْعَالِمِ وَالسُّلْطَانِ الْعَادِلِ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يُقَبِّلُونَ أَطْرَافَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ: تَقْبِيلُ يَدِ الْعَالِمِ وَالسُّلْطَانِ الْعَادِلِ سُنَّةٌ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَقَبَّلَ رَأْسَهُ؛ وَتَقْبِيلُ الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيِ السُّلْطَانِ أَوْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ لِأَنَّهُ تَحِيَّةٌ وَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ لِلْمَلِكِ الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَسْجُدَ لِأَنَّهُ كُفْرٌ، وَلَوْ سَجَدَ عِنْدَ السُّلْطَانِ عَلَى وَجْهِ التَّحِيَّةِ لَا يَصِيرُ كَافِرًا.
[فصل اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ]
فَصْلٌ (وَيَحِلُّ لِلنِّسَاءِ لُبْسُ الْحَرِيرِ، وَلَا يَحِلُّ لِلرِّجَالِ إِلَّا مِقْدَارُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ كَالْعَلَمِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ حَرِيرَةً بِشِمَالِهِ وَذَهَبًا بِيَمِينِهِ ثُمَّ رَفَعَ بِهِمَا يَدَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهَا» . وَعَنْ عُمَرَ