فَإِنْ مَضَى لَهُ مِنَ الْعُمُرِ مَا لَا يَعِيشُ أَقْرَانُهُ حُكِمَ بِمَوْتِهِ.
كِتَابُ الْخُنْثَى إِذَا كَانَ لَهُ آلَةُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، فَإِنْ بَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا اعْتُبِرَ بِهِ، فَإِنْ بَالَ مِنَ الذَّكَرِ فَهُوَ غُلَامٌ، وَإِنْ بَالَ مِنَ الْفَرْجِ فَهُوَ أُنْثَى، وَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا اعْتُبِرَ بِأَسْبَقِهِمَا،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَأَوْلَادِهِ وَأَبَوَيْهِ لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ لَهُمْ، وَكُلُّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا بِحَضْرَتِهِ إِلَّا بِقَضَاءٍ فَإِنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: مِنْ مَالِهِ النَّقْدَانِ لِأَنَّهُمَا قِيمَةُ مَا يَسْتَحِقُّونَ مِنَ الْمَطْعُومِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْمَلْبُوسِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ دَفَعَهُ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ دَيْنًا أَوْ وَدِيعَةً، فَإِنِ اعْتَرَفَ الْمَدْيُونُ وَالْمُوَدَعُ بِالْمَالِ وَالزَّوْجِيَّةِ وَالنَّسَبِ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ثَابِتًا عِنْدَ الْقَاضِي فَلَا حَاجَةَ إِلَى اعْتِرَافِهِمْ، وَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي بَعْضُ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ اعْتِرَافُهُمَا بِالْبَاقِي، وَلَوْ أَنْفَقَ الْمَدْيُونُ وَالْمُودَعُ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ إِذْنِ الْقَاضِي ضَمِنَا لِأَنَّهُمَا مَا أَوْصَلَا الْحَقَّ إِلَى مَالِكِهِ وَلَا نَائِبِهِ.
قَالَ: (فَإِنْ مَضَى لَهُ مِنَ الْعُمُرِ مَا لَا يَعِيشُ أَقْرَانُهُ حُكِمَ بِمَوْتِهِ) وَهُوَ الْأَقْيَسُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِاخْتِلَافِ الْأَعْمَارِ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِائَة سَنَةٍ، وَقِيلَ: تِسْعِينَ سَنَةً، وَهُوَ غَايَةُ مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ أَعْمَارُ أَهْلِ زَمَانِنَا فِي الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، وَهُوَ الْأَرْفَقُ لِأَنَّ فِي التَّفَحُّصِ عَنْ مَوْتِ الْأَقْرَانِ حَرَجًا، وَبَاقِي مَسَائِلِ الْمَفْقُودِ تَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[كِتَابُ الْخُنْثَى]
وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ التَّخَنُّثِ وَهُوَ التَّكَسُّرُ، يُقَالُ: اطْوِ الثَّوْبَ عَلَى أَخْنَاثِهِ: أَيْ عَلَى تَكَسُّرِهِ وَمَطَاوِيهِ، وَسُمِّيَ الْخُنْثَى ; لِأَنَّهُ تَكَسَّرَ وَتَنَقَّصَ حَالُهُ عَنْ حَالِ الرِّجَالِ، وَيَفُوقُ عَلَى حَالِ النِّسَاءِ حَيْثُ كَانَ لَهُ آلَةُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَقَالَ عُمَرُ النَّسَفِيُّ: أَوَلَيْسَ لَهُ هَذَا وَلَا هَذَا وَيُخْرِجُ حَدَثَهُ مِنْ دُبُرِهِ أَوْ مِنْ سُرَّتِهِ. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: إِذَا خَرَجَ الْبَوْلُ مِنْ سُرَّتِهِ وَلَيْسَ لَهُ قُبُلٌ وَلَا ذَكَرٌ لَا أَدْرِي مَا يَقُولُ فِي هَذَا.
(إِذَا كَانَ لَهُ آلَةُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، فَإِنْ بَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا اعْتُبِرَ بِهِ، فَإِنْ بَالَ مِنَ الذَّكَرِ فَهُوَ غُلَامٌ، وَإِنْ بَالَ مِنَ الْفَرْجِ فَهُوَ أُنْثَى) ; لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْآلَةَ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا هِيَ الْأَصْلُ وَالْأُخْرَى عَيْبٌ، «وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ كَيْفَ يُوَرَّثُ؟ فَقَالَ: " مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» وَمِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَكَذَا كَانَ حُكْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهُ الْإِسْلَامُ.
قَالَ: (وَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا اعْتُبِرَ بِأَسْبَقِهِمَا) ;
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute