يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ الْأُولَى، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْدَ الثَّانِيَةِ، وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِلْمَيِّتِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ، وَيُسَلِّمُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَيَقُولُ فِي الصَّبِيِّ بَعْدَ الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَذُخْرًا شَافِعًا مُشَفَّعًا، وَلَا قِرَاءَةَ فِيهَا وَلَا تَشَهُّدَ ; وَمَنِ اسْتَهَلَّ وَهُوَ أَنْ يُسْمَعَ لَهُ صَوْتٌ سُمِّيَ، وَغُسِّلَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا أُدْرِجَ فِي خِرْقَةٍ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ.
فَإِذَا حَمَلُوهُ عَلَى سَرِيرِهِ أَخَذُوا بِقَوَائِمِهِ الْأَرْبَعِ
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
«لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إِلَّا فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ» وَلَمْ يَذْكُرْهَا.
(يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ الْأُولَى) لِأَنَّ سُنَّةَ الدُّعَاءِ الْبِدَايَةُ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَسْتَفْتِحُ.
(وَيُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْدَ الثَّانِيَةِ) لِأَنَّ ذِكْرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَلِي ذِكْرَ رَبِّهِ تَعَالَى. قَالَ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: ٤] قِيلَ: لَا أُذْكَرُ إِلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي.
(وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِلْمَيِّتِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ، وَقَدْ قُدِّمَ ذِكْرُ اللَّهِ وَذِكْرُ رَسُولِهِ فَيَأْتِي بِالْمَقْصُودِ فَهُوَ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ.
(وَيُسَلِّمُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَيُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ هَكَذَا آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِعْلُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى زَمَانِنَا. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ دَعَوْتَ بِبَعْضِ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ فَحَسَنٌ، وَإِنْ دَعَوْتَ بِمَا يَحْضُرُكَ فَحَسَنٌ.
(وَيَقُولُ فِي الصَّبِيِّ بَعْدَ الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَذُخْرًا شَافِعًا مُشَفَّعًا) لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ، وَلَا يُصَلَّى عَلَى غَائِبٍ لِأَنَّهُ إِمَامٌ وَمَأْمُومٌ وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ مَعَ الْغَيْبَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَصَلَّى النَّاسُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ، وَلَوْ صَلَّوْا لَنُقِلَ وَلَمْ يُنْقَلْ. وَأَمَّا صَلَاتُهُ عَلَى النَّجَاشِيِّ فَإِنَّهُ كُشِفَ لَهُ حَتَّى أَبْصَرَ سَرِيرَهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ مَاتَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «هَذَا أَخُوكُمُ النَّجَاشِيُّ قَدْ مَاتَ قُومُوا نُصَلِّي عَلَيْهِ» ، فَصَلَّى وَهُوَ يَرَاهُ وَصَلَّتِ الصَّحَابَةُ بِصَلَاتِهِ.
قَالَ: (وَلَا قِرَاءَةَ فِيهَا وَلَا تَشَهُّدَ) أَمَّا التَّشَهُّدُ فَإِنَّ مَحَلَّهُ الْقُعُودُ وَلَا قُعُودَ فِيهَا. وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فَلِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَمْ يُوَقِّتْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ قِرَاءَةً، لَا فِعْلًا، وَلَا قَوْلًا، كَبِّرْ مَا كَبَّرَ الْإِمَامُ، وَاخْتَرْ مِنْ أَطْيَبِ الْكَلَامِ مَا شِئْتَ، وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ، أَمَّا بِنِيَّةِ التِّلَاوَةِ مَكْرُوهٌ.
قَالَ: (وَمَنِ اسْتَهَلَّ وَهُوَ أَنْ يُسْمَعَ لَهُ صَوْتٌ سُمِّيَ وَغُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا أُدْرِجَ فِي خِرْقَةٍ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِنِ اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَوُرِّثَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوَرَّثْ» رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ.
[فَصْلٌ حمل الميت والسير به ودفنه]
فَصْلٌ (فَإِذَا حَمَلُوهُ عَلَى سَرِيرِهِ أَخَذُوا بِقَوَائِمِهِ الْأَرْبَعِ) لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُحْمَلَ