للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ غَرَسَ شَجَرَةً فِي أَرْضِ مَوَاتٍ فَحَرِيمُهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ، وَمَا عَدَلَ عَنْهُ الْفُرَاتُ وَدَجْلَةُ يَجُوزُ إِحْيَاؤُهُ إِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ عَوْدُهُ إِلَيْهِ، وَإِنِ احْتُمِلَ عَوْدُهُ لَا يَجُوزُ.

كِتَابُ الشِّرْبِ

وَهُوَ النَّصِيبُ مِنَ الْمَاءَ، وَقِسْمَةُ الْمَاءِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ؛ لِإِلْقَاءِ الطِّينِ وَنَحْوِهِ بِالِاتِّفَاقِ.

ثُمَّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَرِيمُهُ مِقْدَارُ عَرْضِ نِصْفِ النَّهْرِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْحَاجَةُ الْغَالِبَةُ، وَذَلِكَ بِنَقْلِ تُرَابِهِ إِلَى حَافَّتَيْهِ فَيَكْفِي مَا ذَكَرْنَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَرْضُ جَمِيعِ النَّهْرِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ إِلْقَاءُ التُّرَابِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى إِلْقَائِهِ فِي أَحَدِهِمَا، فَيُقَدِّرُ فِي كُلِّ طَرَفٍ بِبَطْنِ النَّهْرِ وَالْحَوْضِ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ.

لَهُمَا أَنَّهُ لَا انْتِفَاعَ بِالنَّهْرِ وَالْحَوْضِ إِلَّا بِالْحَرِيمِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْمَشْيِ فِيهِ؛ لِتَسْيِيلِ الْمَاءِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَادَةً فِي بَطْنِهِ وَإِلَى إِلْقَاءِ الطِّينِ، وَأَنَّهُ يُحَرَّجُ بِنَقْلِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَرِيمٌ كَالْبِئْرِ.

وَلَهُ أَنَّ الْحَرِيمَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِمَا مَرَّ، تَرَكْنَاهُ فِي الْبِئْرِ بِالْحَدِيثِ. وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ فِي الْبِئْرِ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِمَاءِ الْبِئْرِ بِدُونِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَلَا اسْتِسْقَاءَ إِلَّا بِالْحَرِيمِ. أَمَّا النَّهْرُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِمَائِهِ بِدُونِ الْحَرِيمِ.

ثُمَّ قَالَ: (وَلَوْ غَرَسَ شَجَرَةً فِي أَرْضِ مَوَاتٍ فَحَرِيمُهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ) ، لَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَغْرِسَ فِيهِ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا غَرَسَ شَجَرَةً فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ، فَجَاءَ آخَرُ وَأَرَادَ أَنْ يَغْرِسَ شَجَرَةً إِلَى جَانِبِ شَجَرَتِهِ، فَشَكَا الْأَوَّلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَمَرَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ شَجَرَتِهِ جَرِيدَةً فَتُذْرَعَ، فَبَلَغَ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ، فَجَعَلَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَرِيمَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ، وَأَطْلَقَ لِلْآخَرِ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ ". هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، وَذَكَرَ فِي رِوَايَةٍ " سَبْعَةَ أَذْرُعٍ» . قَالَ فِي الْمُحِيطِ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ.

قَالَ: (وَمَا عَدَلَ عَنْهُ الْفُرَاتُ وَدِجْلَةُ يَجُوزُ إِحْيَاؤُهُ إِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ عَوْدُهُ إِلَيْهِ) ; لِأَنَّهُ كَالْمَوَاتِ، وَهُوَ فِي يَدِ الْإِمَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَرِيمًا لِعَامِرٍ. (وَإِنِ احْتَمَلَ عَوْدُهُ لَا يَجُوزُ) ؛ لِحَاجَةِ الْعَامَّةِ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[كِتَابُ الشِّرْبِ]

(وَهُوَ النَّصِيبُ مِنَ الْمَاءِ) لِلْأَرَاضِي وَغَيْرِهَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: ١٥٥] .

قَالَ: (وَقِسْمَةُ الْمَاءِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ جَائِزَةٌ) . وَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّاسُ يَفْعَلُونَهُ، فَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ. وَتَعَامَلَهُ النَّاسُ إِلَى يَوْمِنَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَهُوَ قِسْمَةٌ بِاعْتِبَارِ الْحَقِّ دُونَ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فِي النَّهْرِ. وَالْقِسْمَةُ تَارَةً تَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>