وَمِثْلَ السَّوِيقِ وَسَلَّمَهُمَا.
فَصْلٌ
زَوَائِدُ الْغَصْبِ أَمَانَةٌ، مُتَّصِلَةً كَانَتْ أَوْ مُنْفَصِلَةً، وَيَضْمَنُهَا بِالتَّعَدِّي أَوْ بِالْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ. وَمَا نَقَصَتِ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ مَضْمُونٌ، وَتُجْبَرُ بِوَلَدِهَا وَبِالْغُرَّةِ. وَمَنَافِعُ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَمِثْلَ السَّوِيقِ وَسَلَّمَهُمَا) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ رِعَايَةَ الْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَصَاحِبُ الثَّوْبِ صَاحِبُ الْأَصْلِ فَكَانَ الْخِيَارُ لَهُ.
وَقَالَ فِي الْأَصْلِ: تَجِبُ قِيمَةُ السَّوِيقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَتَغَيَّرُ بِالْقَلْيِ، فَلَمْ يَصِرْ مِثْلِيًّا، وَسَمَّاهُ هَهُنَا مِثْلِيًّا؛ لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَهُ، وَالْأَلْوَانُ كُلُّهَا سَوَاءٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: السَّوَادُ نُقْصَانٌ، قِيلَ: هُوَ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ، وَقِيلَ: إِنْ نَقَصَهُ السَّوَادُ فَهُوَ نُقْصَانٌ.
[فصل زوائد الْغَصْبِ]
فَصْلٌ
(زَوَائِدُ الْغَصْبِ أَمَانَةٌ مُتَّصِلَةً كَانَتْ) كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ وَالْحُسْنِ (أَوْ مُنْفَصِلَةً) كَالْوَلَدِ وَالْعُقْرِ وَالثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إِزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ بِإِثْبَاتِ يَدِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ - فَلَا يُضَمَّنُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ، وَلَا غَصْبَ - مُحَالٌ.
قَالَ: (وَيَضْمَنُهَا بِالتَّعَدِّي) بِأَنْ أَتْلَفَهُ أَوْ أَكَلَهُ أَوْ ذَبَحَهُ أَوْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ، (أَوْ بِالْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لِلْغَيْرِ، وَقَدْ تَعَدَّى فِيهِ فَيَضْمَنُهُ؛ لِمَا مَرَّ. وَإِنْ طَلَبَ الْمُتَّصِلَةَ لَا يَضْمَنُ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِعَدَمِ إِمْكَانِ رَدِّ الزَّوَائِدِ بِدُونِ الْأَصْلِ.
وَقَالَا: يَضْمَنُهَا بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ كَالْمُنْفَصِلَةِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ إِخْرَاجُ الْمَحَلِّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ فِي حَقِّ الْمَالِكِ، وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ مَا كَانَ مُنْتَفَعًا بِهَا فِي حَقِّ الْمَالِكِ؛ لِعَدَمِ يَدِهِ عَلَيْهَا، فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ. وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْغَصْبِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الضَّمَانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
قَالَ: (وَمَا نَقَصَتِ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ مَضْمُونٌ) ؛ لِفَوَاتِ بَعْضِهَا. (وَيُجْبَرُ بِوَلَدِهَا وَبِالْغُرَّةِ) ؛ لِانْعِدَامِ النُّقْصَانِ حُكْمًا، وَلِأَنَّ الْعُلُوقَ أَوِ الْوِلَادَةَ سَبَبٌ لِلزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَلَا يُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا إِذَا سَقَطَتْ سِنُّهَا، ثُمَّ نَبَتَتْ، أَوْ هَزِلَتْ ثُمَّ سَمِنَتْ. أَوْ رَدَّ أَرْشَ الْيَدِ فَإِنَّهُ يَنْجَبِرُ بِهِ نَقْصُ الْقَطْعِ، كَذَا هُنَا، وَصَارَ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْوَلَدِ وَفَاءٌ انْجَبَرَ بِقَدْرِهِ، وَضَمِنَ الْبَاقِيَ.
وَالْغُرَّةُ كَالْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَهُ؛ لِوُجُوبِهَا بَدَلًا عَنْهُ. وَلَوْ مَاتَتْ، وَبِالْوَلَدِ وَفَاءٌ بِقِيمَتِهَا - لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَمِنَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مَلَكَهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ النُّقْصَانَ حَصَلَ عَلَى مِلْكِهِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْجَابِرِ.
قَالَ: (وَمَنَافِعُ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا) ، أَوِ اسْتَغَلَّ؛ لِعَدَمِ وُرُودِ الْغَصْبِ عَلَيْهَا، وَلَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَعْيَانِ؛ لِبَقَاءِ الْأَعْيَانِ، وَهِيَ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ، وَلِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ.