للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَنْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ، أَوْ قَطَعَ يَدَهَا - فَإِنْ شَاءَ الْمَالِكُ ضَمَّنَهُ نُقْصَانَهَا وَأَخَذَهَا، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهَا وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا. وَفِي غَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا بِقَطْعِ الطَّرَفِ.

وَمَنْ بَنَى فِي أَرْضِ غَيْرِهِ أَوْ غَرَسَ لَزِمَهُ قَلْعُهُمَا وَرَدُّهَا، وَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ، أَوْ سَوِيقًا، فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ - فَالْمَالِكُ إِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا، وَرَدَّ زِيَادَةَ الصَّبْغِ وَالسَّوِيقِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الثَّوْبِ أَبْيَضَ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

ضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ؛ لِبَقَاءِ الْعَيْنِ وَبَعْضِ الْمَنَافِعِ. وَإِنْ كَانَ خَرْقًا قَلِيلًا يُضَمَّنُ نُقْصَانَهُ؛ لِمَا أَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ شَيْئًا، بَلْ عَيَّبَهُ.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَيْبِ الْفَاحِشِ، قِيلَ: هُوَ أَنْ يُوجِبَ نُقْصَانَ رُبْعِ الْقِيمَةِ فَمَا زَادَ، وَقِيلَ: مَا يُنْتَقَصُ بِهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَالصَّحِيحُ مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْمَنَافِعِ. وَالْيَسِيرُ مَا لَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، بَلْ يَدْخُلُهُ نُقْصَانُ الْعَيْبِ.

قَالَ: (وَمَنْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ، أَوْ قَطَعَ يَدَهَا - فَإِنْ شَاءَ الْمَالِكُ ضَمَّنَهُ نُقْصَانَهَا وَأَخَذَهَا، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهُ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا) ؛ لِأَنَّهُ إِتْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِتَفْوِيتِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ مِنَ اللَّبَنِ وَالنَّسْلِ وَغَيْرِهِمَا، وَبَقَاءُ الْبَعْضِ وَهُوَ الْأَكْلُ، فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا فِي الثَّوْبِ فِي الْخَرْقِ الْفَاحِشِ.

قَالَ: (وَفِي غَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ يُضَمَّنُ قِيمَتَهَا بِقَطْعِ الطَّرَفِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَلَوْ غَصَبَ دَابَّةً، فَقَطَعَ رِجْلَهَا - ضَمِنَ قِيمَتَهَا. وَرَوَى هِشَامٌ: إِنْ أَخَذَهَا الْمَالِكُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا، وَأَخَذَ الْقِيمَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْجُثَّةِ الْعَمْيَاءِ خِلَافًا لَهُمَا. وَإِنْ قَلَعَ عَيْنَ الدَّابَّةِ فَعَلَيْهِ رُبْعُ الْقِيمَةِ اسْتِحْسَانًا، وَقِيمَةُ النُّقْصَانِ قِيَاسًا.

وَفِي جِنَايَاتِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَوْ فَقَأَ عَيْنَ بِرْذَوْنٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ عَلَيْهِ رُبْعُ قِيمَتِهِ، وَكَذَا كُلُّ مَا يُعْمَلُ عَلَيْهِ مِنَ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ، وَمَا لَا يُعْمَلُ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ. وَقَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَفِي عَيْنِ بَقَرِ الْجَزَّارِ وَجَزُورِهِ رُبْعُ الْقِيمَةِ، وَفِي عَيْنِ شَاةِ الْقَصَّابِ مَا نَقَصَهَا، وَالْحَمَلُ وَالطَّيْرُ وَالدَّجَاجَةُ وَالْكَلْبُ مَا نَقَصَهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ فِي جَمِيعِ الْبَهَائِمِ اعْتِبَارًا بِالشَّاةِ.

وَلَنَا: مَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَضَى فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ» ، وَكَذَا قَضَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلِأَنَّهَا تَصْلُحُ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَالْعَمَلِ، وَلَا تَقُومُ هَذِهِ الْمَصَالِحُ إِلَّا بِأَرْبَعَةِ أَعْيُنٍ: عَيْنَيْهَا، وَعَيْنَيِ الْمُسْتَعْمِلِ، فَصَارَتْ كَذَاتِ أَرْبَعَةِ أَعْيُنٍ، فَيَجِبُ فِي أَحَدِهَا رُبْعُ الْقِيمَةِ كَمَا قُلْنَا فِي أَحَدِ الْأَهْدَابِ رُبْعُ الدِّيَةِ لَمَّا كَانَتْ أَرْبَعَةً.

قَالَ: (وَمَنْ بَنَى فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، أَوْ غَرَسَ - لَزِمَهُ قَلْعُهُمَا وَرَدُّهَا) عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الْإِجَارَاتِ.

قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» ، وَلِأَنَّهُ أَشْغَلَ مِلْكَ الْغَيْرِ، فَيُؤْمَرُ بِتَفْرِيغِهِ دَفْعًا لِلظُّلْمِ وَرَدًّا لِلْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ.

قَالَ: (وَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ، أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ - فَالْمَالِكُ إِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا، وَرَدَّ زِيَادَةَ الصَّبْغِ وَالسَّوِيقِ. وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الثَّوْبِ أَبْيَضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>