وَإِنْ لَمْ يُثْخِنْهُ الْأَوَّلُ أَكَلَ وَهُوَ لِلثَّانِي.
كِتَابُ الذَّبَائِحِ وَالذَّكَاةُ اخْتِيَارِيَّةٌ، وَهِيَ الذَّبْحُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ. وَاضْطِرَارِيَّةٌ، وَهِيَ الْجُرْحُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ اتَّفَقَ؛ وَشَرْطُهُمَا التَّسْمِيَةُ، وَكَوْنُ الذَابِحِ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
بَرَاحًا وَهُوَ مَعِيبٌ بِالْجِرَاحَةِ، وَالْقِيمَةُ تَجِبُ عِنْدَ الْإِتْلَافِ.
قَالَ: (وَإِنْ لَمْ يُثْخِنْهُ الْأَوَّلُ أُكِلَ) لِأَنَّهُ صَيْدٌ عَلَى حَالِهِ (وَهُوَ لِلثَّانِي) لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ» .
[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]
وَهُوَ جَمْعُ ذَبِيحَةٍ، وَالذَّبِيحَةُ: الْمَذْبُوحَةُ، وَكَذَلِكَ الذَّبْحُ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: ١٠٧] ، وَالذَّبْحُ مَصْدَرُ ذَبَحَ يَذْبَحُ، وَهُوَ الذَّكَاةُ أَيْضًا، قَالَ - تَعَالَى -: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] أَيْ ذَبَحْتُمْ.
(وَالذَّكَاةُ) نَوْعَانِ: (اخْتِيَارِيَّةٌ، وَهِيَ الذَّبْحُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ) قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الذَّكَاةُ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ» أَيْ مَوْضِعُ الذَّكَاةِ، وَهِيَ قَطْعُ عُرُوقٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى مَا يَأْتِيكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
قَالَ: (وَاضْطِرَارِيَّةٌ: وَهِيَ الْجُرْحُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ اتَّفَقَ) ، وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ حَالَةَ الْعَجْزِ عَنِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَذَلِكَ مِثْلَ الصَّيْدِ وَالْبَعِيرِ النَّادِّ، فَلَوْ رَمَاهُ فَقَتَلَهُ حَلَّ أَكْلُهُ لِأَنَّ الْجُرْحَ فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ أُقِيمَ مَقَامَ الذَّبْحِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الذَّبْحِ لِلْحَاجَةِ، وَالْبَقْرُ وَالْبَعِيرُ لَوْ نَدَّا فِي الصَّحْرَاءِ أَوِ الْمِصْرِ بِمَنْزِلَةِ الصَّيْدِ، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَلَوْ نَدَّتْ فِي الْمِصْرِ لَا تَحِلُّ بِالْعَقْرِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَخْذُهَا، أَمَّا الْبَقَرُ وَالْبَعِيرُ فَرُبَّمَا عَضَّهُ الْبَعِيرُ وَنَطَحَهُ الْبَقَرُ فَتَحَقَّقَ الْعَجْزُ فِيهَا، وَالْمُتَرَدِّي فِي بِئْرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَكَاتِهِ فِي الْعُرُوقِ كَالصَّيْدِ إِذْ لَا يُتَوَهَّمُ مَوْتُهُ بِالْمَاءِ.
قَالَ: (وَشَرْطُهُمَا التَّسْمِيَةُ، وَكَوْنُ الذَّابِحِ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا) أَمَّا التَّسْمِيَةُ فَلِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: ٣٦] وَالْمُرَادُ حَالَةُ النَّحْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: ٣٦] أَيْ سَقَطَتْ بَعْدَ النَّحْرِ، وَمَا مَرَّ مِنْ حَدِيثِ عَدِيٍّ فِي الصَّيْدِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: «فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ» ، فَلَوْ تَرَكَهَا عَامِدًا لَا تَحِلُّ ; لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١] ، وَلَمْ يُنْقَلْ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ عَنِ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ نَاسِيًا، فَالْقَوْلُ بِإِبَاحَةِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا: إِذَا قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهِ لَا يَنْفُذُ لِأَنَّهُ قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ، وَالْكِتَابِيُّ فِيهِ كَالْمُسْلِمِ، وَلِأَنَّ مَا ذَكَرْنَا مِنَ النُّصُوصِ مِنْهَا أَمْرٌ بِالتَّسْمِيَةِ، وَمِنْهَا جَعْلُهَا شَرْطًا لِحِلِّ الْأَكْلِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute