للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِلْحُرَّةِ ضِعْفُ الْأَمَةِ. وَمَنْ وَهَبَتْ نَصِيبَهَا لِصَاحِبَتِهَا جَازَ، وَلَهَا الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ. وَيُسَافِرُ بِمَنْ شَاءَ، وَالْقُرْعَةُ أَوْلَى.

كِتَابُ الرَّضَاعِ وَحُكْمُ الرَّضَاعِ يَثْبُتُ بِقَلِيلِهِ (ف) ، وَكَثِيرِهِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ، وَقَدْ وُجِدَتْ.

قَالَ: (وَلِلْحُرَّةِ ضِعْفُ الْأَمَةِ) ؛ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الرِّقَّ مُنْصِفٌ كَمَا فِي الْعِدَّةِ وَغَيْرِهَا. (وَمَنْ وَهَبَتْ نَصِيبَهَا لِصَاحِبَتِهَا جَازَ) ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: " اعْتَدِّي ". فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَتَجْعَلَ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ، وَأَنْ تُحْشَرَ مَعَ نِسَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَفَعَلَ» . وَلِأَنَّهُ حَقُّهَا، وَقَدْ أَبْطَلَتْهُ بِرِضَاهَا.

(وَلَهَا الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهَا وَهَبَتْ حَقًّا لَمْ يَجِبْ بَعْدُ. وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ أَيَّامًا بِإِذْنِ الْأُخْرَى جَازَ مِنْ غَيْرِ مُسَاوَاةٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا مَرِضَ اسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَأَذِنَّ لَهُ. فَكَانَ فِي بَيْتِهَا حَتَّى قُبِضَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا، وَيُؤْمَرُ الصَّائِمُ بِالنَّهَارِ وَالْقَائِمُ بِاللَّيْلِ أَنْ يَبِيتَ مَعَهَا إِذَا طَلَبَتْ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَجْعَلُ لَهَا يَوْمًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَلَيْسَ هَذَا بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى فَوَاتِ النَّوَافِلِ أَصْلًا عَلَى مَنْ لَهُ أَرْبَعٌ مِنَ النِّسَاءِ. وَلَكِنْ يُؤْمَرُ بِإِيفَاءِ حَقِّهَا مِنْ نَفْسِهِ أَحْيَانًا، وَيَصُومُ وَيُصَلِّي مَا أَمْكَنَهُ. وَلَوْ أَعْطَتْ زَوْجَهَا مَالًا، أَوْ حَطَّتْهُ؛ لِيَزِيدَ فِي قَسْمِهَا - لَمْ يَجُزْ، وَتَرْجِعُ بِمَا أَعْطَتْهُ. وَكَذَا لَوْ زَادَهَا الزَّوْجُ فِي مَهْرِهَا؛ لِتَجْعَلَ يَوْمَهَا لِغَيْرِهَا، وَالْوَجْهُ فِيهِ مَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَيُسَافِرُ بِمَنْ شَاءَ، وَالْقُرْعَةُ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ حَالَ السَّفَرِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ لَا يُسَافِرَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَصْلًا، وَيُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ. وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَمَنْ سَافَرَ بِهَا لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ حَقِّ الْبَاقِيَاتِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَبَرِّعًا لَا مُوفِيًا حَقًّا. وَإِنْ ظَلَمَ بَعْضَهُنَّ يُوعَظُ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ يُوجَعُ عُقُوبَةً زَجْرًا لَهُ عَنِ الظُّلْمِ.

[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

وَهُوَ وَاجِبٌ إِحْيَاءً لِلْوَلَدِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] أَيْ لِيُرْضِعْنَ.

(وَحُكْمُ الرَّضَاعِ يَثْبُتُ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ) ؛ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] مُطْلَقًا، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الرَّضَاعُ مَا يُنْبِتُ اللَّحْمَ وَيَنْشُزُ الْعَظْمَ» ، وَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِالْقَلِيلِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مَتَى وَصَلَ إِلَى جَوْفِ الصَّبِيِّ أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>