للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَ نِسَائِهِ فِي الْبَيْتُوتَةِ، وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْجَدِيدَةُ وَالْعَتِيقَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ - سَوَاءٌ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

عَنْ ذَلِكَ، وَيُحْسَبُ مَرَضُهُ وَمَرَضُهَا إِنْ كَانَ نِصْفَ شَهْرٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ عَوَّضَهُ عَنْهُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إِنْ حَجَّتْ أَوْ هَرَبَتْ أَوْ غَابَتْ لَمْ تُحْتَسَبْ تِلْكَ الْمُدَّةُ مِنَ السَّنَةِ، وَإِنْ حَجَّ هُوَ أَوْ هَرَبَ أَوْ غَابَ احْتُسِبَ عَلَيْهِ مِنَ السَّنَةِ.

وَالتَّأْجِيلُ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ دَعْوَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْقَاضِي؛ فَإِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ خِيَارٌ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِبُطْلَانِ حَقِّهَا. وَلَوْ خَيَّرَهَا الْقَاضِي، فَقَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ - فَلَا خِيَارَ لَهَا كَالْمُخَيَّرَةِ مِنْ زَوْجِهَا. فَإِنْ طَلَبَ الْعِنِّينُ أَنْ يُؤَجِّلَهُ الْقَاضِي سَنَةً أُخْرَى لَمْ يُؤَجِّلْهُ إِلَّا بِرِضَاهَا؛ فَإِنْ رَضِيَتْ جَازَ، وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ وَتَخْتَارَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ الْأُخْرَى. فَإِذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا - فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْعُنَّةِ.

وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي الْوُصُولِ إِلَيْهَا؛ فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ حَقَّ التَّفْرِيقِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ، وَالْعَيْبُ عَارِضٌ. فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ حَقُّهَا، وَإِنْ نَكَلَ أُجِّلَ سَنَةً كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا نَظَرَهَا النِّسَاءُ؛ فَإِنْ قُلْنَ: هِيَ بِكْرٌ - أُجِّلَ سَنَةً، وَإِنْ قُلْنَ: هِيَ ثَيِّبٌ - حَلَفَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا.

وَالْمَجْبُوبُ، وَهُوَ الَّذِي قُطِعَ ذَكَرُهُ أَصْلًا - فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِلْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْجِيلِ. وَالْخَصِيُّ كَالْعِنِّينِ؛ لِأَنَّ لَهُ آلَةً تَنْتَصِبُ وَيُجَامِعُ بِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُحْبِلُ، وَهُوَ الَّذِي سُلَّتْ أُنْثَيَاهُ. وَإِذَا أُجِّلَ سَنَةً، وَادَّعَى الْوُصُولَ إِلَيْهَا، وَأَنْكَرَتْ - فَالْحُكْمُ كَمَا إِذَا اخْتَلَفَا قَبْلَ التَّأْجِيلِ.

وَإِذَا كَانَ زَوْجُ الْأَمَةِ عِنِّينًا فَالْخِيَارُ لِلْمَوْلَى كَالْعَزْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ فَلَا وِلَايَةَ لَهَا فِي الطَّلَبِ؛ إِذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ، وَلَوْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ عُنَّ، أَوْ جُبَّ - فَلَا طَلَبَ لَهَا، وَلَا خِيَارَ.

[فصل الْعَدْلُ فِي الْقَسْمِ]

فَصْلٌ (وَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَ نِسَائِهِ فِي الْبَيْتُوتَةِ) ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " مَنْ «كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا - جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ» .

(وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْجَدِيدَةُ وَالْعَتِيقَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ سَوَاءٌ) ؛ لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُنَّ فِيهَا. وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسَاوِي بَيْنَهُنَّ فِي الْوَطْءِ وَالْمَحَبَّةِ؛ أَمَّا الْوَطْءُ فَلِأَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى النَّشَاطِ، وَأَمَّا الْمَحَبَّةُ فَلِأَنَّهَا فِعْلُ الْقَلْبِ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَعْدِلُ بَيْنَ نِسَائِهِ، وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تُؤَاخِذْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ» ، يَعْنِي زِيَادَةَ الْمَحَبَّةِ لِبَعْضِهِنَّ. ثُمَّ إِنْ شَاءَ جَعَلَ الدَّوْرَ بَيْنَهُنَّ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>