للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا كَانَ فِي بَطْنِ الْمَذْبُوحِ جَنِينٌ مَيِّتٌ لَمْ يُؤْكَلْ (سم) ، وَإِذَا ذُبِحَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَهُرَ جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ إِلَّا الْخِنْزِيرَ وَالْآدَمِيَّ.

فَصْلٌ

وَلَا يَحِلُّ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قَالَ: (وَإِذَا كَانَ فِي بَطْنِ الْمَذْبُوحِ جَنِينٌ مَيِّتٌ لَمْ يُؤْكَلْ) وَقَالَا: إِذَا تَمَّ خَلْقُهُ أُكِلَ وَإِلَّا فَلَا، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» ، وَلِأَنَّهُ جُزْءُ الْأُمِّ مُتَّصِلٌ بِهَا يَتَغَذَّى بِغِذَائِهَا وَيَتَنَفَّسُ بِتَنَفُّسِهَا وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا وَيُعْتَقُ بِإِعْتَاقِهَا، فَيَتَذَكَّى بِذَكَاتِهَا كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ حَيَوَانٌ بِانْفِرَادِهِ حَتَّى يُتَصَوَّرَ حَيَاتُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَيُفْرَدُ بِالذَّكَاةِ، وَلِهَذَا يُعْتَقُ بِإِعْتَاقٍ مُفْرَدٍ، وَتَجِبُ فِيهِ الْغِرَّةُ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَهُ دُونَهَا، وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ دَمَوِيٌّ لَمْ يَخْرُجْ دَمُهُ فَصَارَ كَالْمُنْخَنِقَةِ ; لِأَنَّ بِذَكَاةِ الْأُمِّ لَا يَخْرُجُ دَمُهُ بِخِلَافِ الصَّيْدِ ; لِأَنَّ الْجَرْحَ مُوجِبٌ لِخُرُوجِ الدَّمِ، وَلِأَنَّهُ احْتَمَلَ مَوْتُهُ بِذَبْحِ الْأُمِّ وَاحْتَمَلَ قَبْلَهُ فَلَا يَحِلُّ بِالشَّكِّ، وَالْحَدِيثُ رُوِيَ بِالنَّصْبِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ فَدَلَّ عَلَى تَسَاوِيهِمَا فِي الذَّكَاةِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [محمد: ٢٠] وَعَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ احْتَمَلَ التَّشْبِيهَ أَيْضًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ} [آل عمران: ١٣٣] فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَوْفِيقًا، وَلِهَذَا كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَبْحَ الشَّاةِ الْحَامِلِ الَّتِي قَرُبَتْ وِلَادَتُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إِضَاعَةِ الْوَلَدِ، وَعِنْدَهُمَا لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ عِنْدَهُمَا.

قَالَ: (وَإِذَا ذُبِحَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَهُرَ جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ إِلَّا الْخِنْزِيرَ وَالْآدَمِيَّ) فَإِنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهِمَا ; لِأَنَّ الذَّكَاةَ تُزِيلُ الرُّطُوبِاتِ وَتُخْرِجُ الدِّمَاءَ السَّائِلَةَ، وَهِيَ الْمُنَجَّسَةُ لَا ذَاتَ اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ فَيَطْهُرُ كَمَا فِي الدِّبَاغِ. أَمَّا الْآدَمِيُّ فَلِكَرَامَتِهِ وَحُرْمَتِهِ، وَالْخِنْزِيرُ لِنَجَاسَتِهِ وَإِهَانَتِهِ فَلَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِيهِمَا كَمَا لَا يَعْمَلُ الدِّبَاغُ فِي جِلْدِهِمَا وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّهَارَةِ، وَلَوْ ذَبَحَ شَاةً مَرِيضَةً فَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا فَمُهَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: إِنْ فَتَحَتْ فَاهَا وَعَيْنَهَا وَمَدَّتْ رِجْلَهَا وَنَامَ شَعْرُهَا لَمْ تُؤْكَلْ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ أُكِلَتْ.

[فصل مَا يَحِلُّ وَمَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ]

فَصْلٌ (وَلَا يَحِلُّ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ) ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ» ، وَقَوْلُهُ عَقِيبَ النَّوْعَيْنِ مِنَ السِّبَاعِ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِمَا فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فِيمَا لَهُ مِخْلَبٌ وَنَابٌ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَالْبَهَائِمِ دُونَ غَيْرِهِمَا، وَالسَّبُعُ كُلُّ جَارِحٍ قَتَّالٍ مُنْتَهِبٍ مُتَعَدٍّ عَادَةً كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ وَالثَّعْلَبِ وَالدُّبِّ وَالْفِيلِ وَالْقِرْدِ وَالْيَرْبُوعِ وَابْنِ عُرْسٍ وَالسِّنَّوْرِ الْبَرِّيِّ وَالْأَهْلِيِّ، وَذُو الْمِخْلَبِ مِنَ الطَّيْرِ: الصَّقْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>