للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُرْتَدُّونَ إِذَا غَلَبُوا عَلَى مَدِينَةٍ، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ إِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ كَالْمُشْرِكِينَ فِي الْمُوَادَعَةِ، وَيُكْرَهُ بَيْعُ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَتَجْهِيزُهُ إِلَيْهِمْ قَبْلَ الْمُوَادَعَةِ وَبَعْدَهَا.

وَإِذَا أَمَّنَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ كَافِرًا أَوْ جَمَاعَةً أَوْ أَهْلَ مَدِينَةٍ صَحَّ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

أَيِ الْخِسَّةِ فِي الدِّينِ.

قَالَ: (وَالْمُرْتَدُّونَ إِذَا غَلَبُوا عَلَى مَدِينَةٍ، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ إِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ كَالْمُشْرِكِينَ فِي الْمُوَادَعَةِ) أَمَّا الْمُرْتَدُّونَ فَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ مَرْجُوٌّ مِنْهُمْ فَيُوَادِعُهُمْ لِيَنْظُرُوا فِي أُمُورِهِمْ فَرُبَّمَا عَادُوا إِلَى الْإِسْلَامِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْهُمْ مَالًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجِزْيَةِ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَتْلِهِمْ بِمَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ لِمَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ أَخَذَهُ لَا يَرُدُّهُ لِعَدَمِ الْعِصْمَةِ، وَلَوْ غُلِبُوا فَقَدْ صَارَتْ دَارُهُمْ دَارَ حَرْبٍ وَأَمْوَالُهُمْ غَنِيمَةً، فَكَذَا أَهْلُ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا نَقَضُوا الْعَهْدَ صَارُوا كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَيَجُوزُ أَخْذُ الْمَالِ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُمْ بِالْجِزْيَةِ، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّينَ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ كَالْمُرْتَدِّينَ فِي الْمُوَادَعَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْبَغْيِ فِي الْمُوَادَعَةِ، لَكِنْ إِنْ أَخَذَ مِنْهُمْ مَالًا يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ إِذَا وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ لَوْ أُصِيبَ مَالُهُمْ بِالْقِتَالِ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ، وَيُكْرَهُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ قَائِدٍ مِنْ قُوَّادِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّةَ أَهْلِ الْحَرْبِ فَيَخْتَصُّ بِهَا، بَلْ يَجْعَلُهَا فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أُهْدِيَ إِلَيْهِ بِمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ لَا بِنَفْسِهِ.

قَالَ: (وَيُكْرَهُ بَيْعُ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَتَجْهِيزُهُ إِلَيْهِمْ قَبْلَ الْمُوَادَعَةِ وَبَعْدَهَا) لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَقْوِيَتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيدُ وَكُلُّ مَا هُوَ أَصْلٌ فِي آلَاتِ الْحَرْبِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، إِلَّا أَنَا جَوَّزْنَاهُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ ثُمَامَةَ بِأَنْ يَمِيرَ أَهْلَ مَكَّةَ» وَكَانُوا حَرْبًا عَلَيْنَا وَلِأَنَّا نَحْتَاجُ إِلَى بَعْضِ مَا فِي بِلَادِهِمْ مِنَ الْأَدْوِيَةِ، فَلَوْ مَنَعْنَا عَنْهُمُ الْمِيرَةَ لَمَنَعُوهَا عَنَّا، وَلَا يُكْرَهُ إِدْخَالُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُمُ الْتَحَقُوا بِالْمُسْلِمِينَ فِي الْأَحْكَامِ، وَلَا يُمَكَّنُ الْحَرْبِيُّ أَنْ يَنْقُلَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ السِّلَاحَ وَالْكُرَاعَ وَالْحَدِيدَ وَالدَّقِيقَ إِذَا اشْتَرَاهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، وَلَا يُمْنَعُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّهُ تَنَاوَلَهُ عَقْدُ الْأَمَانِ، فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْضَ عَبِيدِهِ مُنِعَ مِنْ إِدْخَالِهِ دَارَ الْحَرْبِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ.

وَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِ الْمُصْحَفِ أَرْضَ الْحَرْبِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَعَ جَيْشٍ عَظِيمٍ أَوْ تَاجِرٍ دَخَلَ بِأَمَانٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ، وَيُكْرَهُ ذَلِكَ مَعَ سَرِيَّةٍ أَوْ جَرِيدَةِ خَيْلٍ يُخَافُ عَلَيْهِمُ الِانْهِزَامَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا وَقَعَ فِي أَيْدِي أَهْلِ الْحَرْبِ فَيَسْتَخِفُّونَ بِهِ، وَكُتُبُ الْفِقْهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُصْحَفِ.

[[فصل أمان الواحد]]

فَصْلٌ (وَإِذَا أَمَّنَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ كَافِرًا أَوْ جَمَاعَةً أَوْ أَهْلَ مَدِينَةٍ صَحَّ) أَمَانُهُمْ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>