وَعَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ عَنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ إِذَا كَانَتْ بَالِغَةً مُسْلِمَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً الْحِدَادُ، وَهُوَ تَرْكُ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ وَالْكُحْلِ وَالدُّهْنِ وَالْحِنَّاءِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
إِنْ كَانَتْ مِنْ شَأْنِهِ، وَالتَّصْرِيحُ قَوْلُهُ: أَنْكِحُكِ، وَأَتَزَوَّجُ بِكِ وَنَحْوُهُ. وَأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: ٢٣٥] قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «السِّرُّ النِّكَاحُ» ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا. أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ التَّصْرِيحُ وَلَا التَّلْوِيحُ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَوَّلِ قَائِمٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
[[فصل في الحداد]]
فَصْلٌ (وَعَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ عَنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ إِذَا كَانَتْ بَالِغَةً مُسْلِمَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً الْحِدَادُ) وَيُقَالُ الْإِحْدَادُ. وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ: «أَنَّ امْرَأَةً مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْتَأْذِنُهُ فِي الِانْتِقَالِ فَقَالَ: كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي أَشَرِّ أَحْلَاسِهَا إِلَى الْحَوْلِ، أَفَلَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا؟» ، فَدَلَّ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تُقِيمَ فِي شَرِّ أَحْلَاسِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» ، وَرُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: نَهَى الْمُعْتَدَّةَ أَنْ تَخْتَضِبَ بِالْحِنَّاءِ وَقَالَ: الْحِنَّاءُ طِيبٌ» ، وَأَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ مُعْتَدَّةٍ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا حَرُمَ عَلَيْهَا النِّكَاحُ فِي الْعِدَّةِ أُمِرَتْ بِتَجَنُّبِ الزِّينَةِ حَتَّى لَا تَكُونَ بِصِفَةِ الْمُلْتَمِسَةِ لِلْأَزْوَاجِ وَأَنَّهُ يَعُمُّ الْفَصْلَيْنِ، وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ إِظْهَارًا لِلتَّأَسُّفِ عَلَى فَوْتِ نِعْمَةِ النِّكَاحِ الَّذِي كَانَ سَبَبَ مَئُونَتِهَا وَكِفَايَتِهَا مِنَ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا.
قَالَ: (وَهُوَ تَرْكُ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ وَالْكُحْلِ وَالدُّهْنِ وَالْحِنَّاءِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ) لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنِ الْحِنَّاءِ، وَقَوْلِهِ: «الْحِنَّاءُ طِيبٌ» ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الطِّيبَ مَحْظُورٌ عَلَيْهَا، وَيَدْخُلُ فِيهِ الثَّوْبُ الْمُطَيَّبُ وَالْمُعَصْفَرُ وَالْمُزَعْفَرُ حَتَّى قَالُوا: لَوْ كَانَ غَسِيلًا لَا يَنْفَضُّ جَازَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ رَائِحَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ مَصْبُوغٌ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ عُذْرٌ، وَلَا تَمْتَشِطُ لِأَنَّهُ زِينَةٌ، فَإِنْ كَانَ فَالْأَسْنَانُ الْمُنْفَرِجَةُ دُونَ الْمَضْمُومَةِ، وَلَا تَلْبَسُ حُلِيًّا لِأَنَّهُ زِينَةٌ، وَلَا تَلْبَسُ قَصَبًا وَلَا خَزًّا لِأَنَّهُ زِينَةٌ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِالْقَصَبِ وَالْخَزِّ الْأَحْمَرِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَلِكَ يُلْبَسُ لِلْحَاجَةِ وَيُلْبَسُ لِلزِّينَةِ فَيُعْتَبَرُ الْقَصْدُ فِي لُبْسِهِ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَأْذَنْ لِلْمَبْتُوتَةِ فِي الِاكْتِحَالِ» بِخِلَافِ حَالَةِ التَّدَاوِي لِأَنَّهُ عُذْرٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute